تنبيه هام |
الإهداءات ![]() |
المكتبة الإسلامية الشاملة [كتب] [فلاشات] [الدفاع عن الحق] [مقالات] [منشورات] |
![]() |
| أدوات الموضوع ![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
| ||||||||||||||||
| ||||||||||||||||
الدرر السنية في الرد على الوهابية ويليه رسالة النص في ذكر وقت صلوة العصر جمعهما شيخ الاسلام السيد احمد بن زينى دخلان ويليهما مجموعة على ثلاث رسائل قد اعتنى بطبعه حسين حلمى بن سعيد استنبولى يطلب من المكتبة ايشيق بشارع دار الشفقة بفاتح 72 استانبول تركيه 1396 هجرى 1976 ميلادى / صفحة 1 / كتاب الدرر السنيه في الرد على الوهابيه جمعه شيخ الاسلام ومرجع الخاص والعام سيدنا ومولانا السيد أحمد بن زينى دحلان حفظه الملك الرحمن آمين ويليه رسالة النصر في ذكر وقت صلاة العصر له أيضا نفع الله بهما جميع البلدان بجاه سيد ولد عدنان طبع بالمطبعة الميمنية على نفقة أصحابها مصطفى البابى الحلبى وأخويه ( بمصر ) / صفحة 2 / ( بسم الله الرحمن الرحيم ) الحمد لله الذى فضل سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم على سائر المخلوقات وشرف أمته على سائر الامم وأعلى لهم الدرجات وعلى آله وأصحابه المقتفين آثاره ومن تبعهم في جميع الحالات ( أما بعد ) فيقول العبد الفقى خادم طلبة العلم بالمسجد الحرام كثير الذنوب والآثام المفتقر إلى ربه المنان أحمد بن زينى دحلان غفر الله له ولوالديه ومشايخه ومحبيه والمسلمين أجمعين قد سألنى من لا تسعنى مخالفته ان أجمع له ما تمسك به أهل السنة في زيارة النبى صلى الله عليه وسلم والتوسل به من الدلائل والحجج القوية من الآيات والاحاديث النبوية وما ورد في ذلك عن السلف والعلماء والائمة المجتهدين ليكون ذلك مبطلا انكار المنكرين فجمعت له هذه الرسالة من كتب كثيرة واختصرتها غاية الاختصار اعتمادا على ما هو مبسوط في كتب العلماء الاخيار فاستعين الله وأقول ( اعلم ) رحمك الله ان زيارة قبر نبينا صلى الله عليه وسلم مشروعة مطلوبة بالكتاب والسنة واجماع الامة أما الكتاب فقوله تعالى ولو أنهم اذ ظلموا انفسهم حاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما دلت الآية على حث الامة على المجئ / صفحة 3 / اليه صلى الله عليه وسلم والاستغفار عنده واستغفاره لهم وهذا لاينقطع بموته ودلت أيضا على تعليق وجدانهم الله توابا رحيما بمجيئهم واستغفارهم واستغفار الرسول لهم فاما استغفاره صلى الله عليه وسلم فهو حاصل لجميع المؤمنين بنص قوله تعالى واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات وصح في صحيح مسلم ان بعض الصحابة فهم من الآية ذلك المعنى الذى ذلت عليه هذه الآية فاذا وجد مجيئهم واستغفارهم فقد تكملت الامور الثلاثة الموجبة لتوبة الله تعالى ورحمته وسيأتى في الاحاديث الآتية ما يدل على ان استغفاره صلى الله عليه وسلم لايتقيد بحال حياته وقد علم من كمال شفقته صلى الله عليه وسلم أنه لا يترك ذلك لمن جاءه مستغفرا ربه سبحانه وتعالى والآية الكريمة وان وردت في قوم معينين في حال الحياة تعم بعموم العلة كل من وجد فيه ذلك الوصف في حال الحياة وبعد الممات ولذلك فهم العلماء منها العموم للجائين واستحبوا لمن أتى قبره صلى الله عليه وسلم أن يقرأها مستغفرا الله تعالى واستحبوها للزائر ورأوها من آدابه التى يسن له فعلها وذكرها المصنفون في المناسك من أهل المذاهب الاربعة ودلت الآية أيضا على انه لا فرق في الجائى بين أن يكون مجيئه بسفر أو غير سفر لوقوع جاؤك في حين الشرط الدال على العموم وقد قال تعالى ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله تم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله ولا شك عند من له أدنى مسكة من ذوق العلم ان من خرج لزيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدق عليه انه خرج مهاجرا إلى الله ورسوله لما ياتى من الاحاديث الدالة على ان زيارته صلى الله عليه وسلم بعد وفاته كزيارته في حياته وزيارته في حياته داخلة في الآية الكريمة قطعا فكذا بعد وفاته بنص الاحاديث الشريفة الآتية وأما السنة فما ياتى من الاحاديث وأما القياس فقد جاء أيضا في السنة الصحيحة المتفق عليها الامر بزيارة القبور فقبر نبينا صلى الله عليه وسلم منها أولى وأحرى وأحق وأعلى بل لانسبة بينه وبين غير وأيضا فقد ثبت انه صلى الله عليه وسلم زار أهل البقيع وشهداء أحد فقبره الشريف أولى لماله من الحق ووجوب التعظيم وليست زيارته صلى الله عليه وسلم الا / صفحة 4 / لتعظيمه والتبرك به ولينال الزائر عظيم الرحمة والبركة بصلاته وسلامه عليه صلى الله عليه وسلم عند قبره الشريف بحضرة الملائكة الحافين به صلى الله عليه وسلم وأما اجماع المسلمين فقد قال العلامة ابن حجر في الجوهر المنظم في زيارة قبر النبى المكرم صلى الله عليه وسلم قد نقل جماعة من الائمة حملة الشرع الشريف الذين عليهم المدار والمعول الاجماع وانما الخلاف بينهم في أنها واجبة أو منذوبة فمن خالف في مشروعية الزيارة فقد خرق الاجماع واحتج القائلون بوجوب الزيارة بقوله صلى الله عليه وسلم من حج البيت ولم يزرنى فقد جفانى رواه ابن عدى بسند يحتج به قال وجفاؤه صلى الله عليه وسلم حرام فعدم زيارته المتضمن لجفائه حرام وأجاب الجمهور القائلون بندب ؟ الزيارة بان الجفاء من الامور النسبية فقد يقال في ترك المندوب انه جفاء ؟ هو ترك البر والصلة ويطلق أيضا على غلظ الطبع والبعد عن الشئ فاكثر العلماء من الخلف والسلف على ندبها دون وجوبها وعلى كل من القولين فالزيارة ومقدماتها من نحو السفر من أهم القربات وأنجح المساعى ويدل لك ؟ أحاديث كثيرة صحيحة صريحة لا يشك فيها الا من النطمس نور بصيرته منها قوله صلى الله عليه وسلم من زار قبرى وجبت له شفاعتى وفي رواية حلت له شفاعتى رواه الدار قطنى وكثير من أئمة الحديث وقد أططال الامام السيكى في كتابه المسمى شفاء السقام في زيارة قبر خير الانام في بيان طرق هذا الحديث وبيان من صححه من الائمة ثم ذكر روايات في أحاديث الزيارة كلما ؟ ويد هذا الحديث منها رواية من زارنى بعد موتى فكأنما زارفى في حياتى وفى رواية من جاءنى زائرا لاتهمه حاجة الا زيارتى كان حقا على أن أكون له شفيعا يوم القيامة وفى رواية من جاءنى زائرا كان له حق على الله عزوجل أن أكون له شفيعا يوم القيامة وفى رواية لابى يعلى والدار قطنى والطبرانى والبيهقى وابن عساكر من حج فزار قبرى وفي رواية فزارنى بعد وفاتى عند قبرى كان كمن زارنى في حياتى وفى رواية من حج فزارنى في مسجدى بعد فاتى كان كمن زارنى في حياتى وفى رواية من زارنى إلى المدينة كنت له شفيعا وشهيدا ومن مات باحدا الحرمين بعثه الله من / صفحة 5 / الآمنين يوم القيامة رواه بهذه الزيادة أبوداود الطيالسي ثم ذكر أحاديث كثيرة كلها تدل على مشروعية الزيارة لا حاجة لنا إلى الاطالة بذكرها فتلك الاحاديث كلها مع ما ذكرناه صريحة في ندب بل تأكد زيارته صلى الله عليه وسلم حيا وميتا للذكر والانثى وكذا زيارة بقية الانبياء والصالحين والشهداء والزيارة شاملة للسفر لانها تستدعى الانتقال من مكان الزائر إلى مكان المزور كلفظ المجئ الذى نصت عليه الآية الكريمة واذا كانت كل زيارة قربة كان كل سفر اليها قربة وقد صح خروجه صلى الله عليه وسلم لزيارة قبور أصحابه بالبقيع وباحد فاذا ثبت مشروعية الانتقال لزيارة قبر غيره صلى الله عليه وسلم فقبره الشريف أولى وأحرى والقاعدة المتفق عليها أن وسيلة القربة المتوقفة عليها قربة أى من حيث ايصالها اليها فلا ينافى أنه قد ينضم اليها محرم من جهة أخرى كمشى في طريق مغصوب صريحة في أن السفر للزيارة قربة مثلها ومن زعم أن الزيارة قربة في حق القريب فقط فقد افترى على الشريعة الغراء فلا يقول عليه وأما تخيل بعض المحرومين ان منع الزيارة أو السفر اليها من باب المحافظة على التوحيد وأن ذلك مما يؤدى إلى الشرك فهو تخيل باطل لان المؤدى إلى الشرك انما هو اتخاذ القبور مساجد أو العكوف عليها وتصوير الصور فيها كما ورد في الاحاديث الصحيحة بخلاف الزيارة والسلام والدعاء وكل عاقل يعرف الفرق بينهما ويتحقق ان الزيارة اذا فعلت مع المحافظة على آداب الشريعة الغراء لاتؤدى إلى محذور ألبتة وأن القائل بالمنع منها سد اللذريعة متقول على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم وهنا أمران لابد منهما أحدهما وجوب تعظيم النبى صلى الله عليه وسلم وفع رتبته عن سائر الخلق والثانى افراد الربوبية واعتقاد أن الرب تبارك وتعالى منفرد بذاته وصفاته وأفعاله عن جميع خلقه فمن اعتقد في مخلوق مشاركة البارى سبحانه وتعالى في شئ من ذلك فقد أشرك ومن قصر بالرسول صلى الله عليه وسلم عن شئ من مرتبته فقد عصى أو كفر ومن بالغ في تعظيمه صلى الله عليه وسلم بانواع التعظيم ولم يبلغ به ما يختص بالبارى سبحانه وتعالى فقد أصاب الحق وحافظ على جانب / صفحة 6 / الربوبية والرسالة جميعا وذلك هو القول الذى لا افراط فيه ولا تفريط وأما قوله صلى الله عليه وسلم لاتشد الرحال الا إلى ثلاثة مساجد المسجد لحرام ومسجدى هذا والمسجد الاقصى فمعناه أن لا تشد الرحال إلى مسجد لاجل تعظيمه والصلاة فيه الا إلى المساجد الثلاثة فانها تشد الرحال اليها لتعظيمها والصلاة فيها وهذا التقدير لا بد منه ولو لم يكن التقدير هكذا لاقتضى منع شد الرحال للحج والجهاد الهجرة من دار الكفر ولطلب العلم وتجارة الدنيا وغير ذلك ولا يقول بذلك أحد قال العلامة ابن حجر في الجوهر لمنظم ومما يدل أيضا لهذا التأويل للحديث المذكور التصريح به في حديث سنده حسن وهو قوله صلى الله عليه وسلم لا ينبغى للمطى أن تشدرحالها إلى مسجد يبتغى الصلاة فيه غير المسجد الحرام ومسجدى هذا والمسجد الاقصى وبالجملة فالمسألة واضحة جلية قد أفردت بالتأليف فلا حاجة إلى الاطالة باكثر من هذا فان من نورالله بصيرته يكتفى باقل من هذا ومن طمس الله بصيرته فما تغنى عنها لآيات والنذر * وأما التوسل فقد صح صدوره من النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلف الامة وخلفها أما صدوره من النبى صلى الله عليه وسلم فقد صح في أحاديث كثيرة منها أنه صلى الله عليه وسلم كان من دعائه اللهم انى أسألك بحق السائلين عليك وهذا توسل لا شك فيه وصح في أحاديث كثيرة أنه كان يأمر أصحابه أن يدعوا به منها ما رواه ابن ماجه بسند صحيح عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من خرج من بيته إلى الصلاة فقال اللهم انى أسألك بحق السائلين عليك وأسألك بحق ممشاى هذا اليك فانى لم أخرج أشرا ولا بطرا ولارياء ولا سمعة خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك فأسالك أن تعيذنى من النار وأن تغفرلى ذنوبى فانه لا يغفر الذنوب الا أنت أقبل الله عليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملك وذكر هذا الحديث الجلال السيوطى في الجامع الكبير وذكره أيضا كثير من الائمة في كتبهم عند ذكر الدعاء المسنون عند الخروج إلى الصلاة حتى قال بعضهم ما من أحد من السلف الا وكان يدعو بهذا الدعاء عند خروجه إلى الصلاة فانظر hg]vv hgskdm td hgv] ugn hg,ihfdm hgv] hg.,[m hg,ihfdm ugn الموضوع الأصلي: الدرر السنية في الرد على الوهابية || الكاتب: الامير المجهول || المصدر: منتديات نور الاستقامة
|
| رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||||||||||||
|
/ صفحة 7 / قوله بحق السائلين عليك فان فيه التوسل بكل عبد مؤمن وروى الحديث المذكور أيضا ابن السنى باسناد صحيح عن بلال رضى الله عنه مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولفظه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا خرج إلى الصلاة قال بسم الله آمنت بالله وتوكلت على الله ولاحول ولا قوة الا بالله اللهم انى أسألك بحق السائلين عليك وبحق مخرجى هذا فانى لم أخرج بطرا ولاأشرا ولارياء ولاسمعة خرجت ابتغاء مرضاتك واتقاء سخطك أسألك أن تعيذنى من النار وأن تدخلنى الجنة ورواه الحافظ أبونعيم في عمل اليوم والليلة من حديث أبى سعيد بلفظ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا خرج إلى الصلاة قال اللهم انى أسألك بحق السائلين إلى آخر الحديث المتقدم ورواه البيهقى في كتاب الدعوات من حديث أبى سعيد أيضا ومحل الاستدلال قوله أسألك بحق السائلين عليك فعلم من هذا كله أن التوسل صدر من النبى صلى الله عليه وسلم وأمر أصحابه أن يقولوه ولم يزل السلف من التابعين ومن بعدهم يستعملون هذا الدعاء عند خروجهم إلى الصلاة ولم ينكر عليهم أحد في الدعاء به ومما جاء عنه صلى الله عليه وسلم من التوسل أنه كان يقول في بعض أدعيته بحق نبيك والانبياء الذين من قبلى قال العلامة ابن حجر في الجوهر المنظم رواه الطبرانى بسند جيد ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم اغفر لامى فاطمة بنت أسد ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والانبياء الذين من قبلى وهذا اللفظ قطعة من حديث طويل رواه الطبرانى في الكبير والاوسط وابن حبان والحاكم وصححوه عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم على بن أبى طالب رضى الله عنه وكانت ربت النبى صلى الله عليه وسلم دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم عند رأسها وقال رحمك الله يا أمى بعد أمى وذكر ثناءه عليها وتكفينها ببرده وأمره بحفر قبرها قال فلما بلغوا اللحد حفره صلى الله عليه وسلم بيده وأخرج ترابه بيده فلما فرغ دخل صلى الله عليه وسلم فاضطجع فيه ثم قال الله الذى يحيى ويميت وهو حى لا يموت اغفر لامى فاطمة بنت أسد ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والانبياء الذين من قبلى فانك / صفحة 8 / أرحم الراحمين وروى ابن أبى شيبة عن جابر رضى الله عنه مثل ذلك وكذا روى مثله ابن عبدالبر عن ابن عباس رضى الله عنهما ورواه أبونعيم في الحلية عن أنس رضى الله عنه ذكر ذلك كله الحافظ جلال الدين السيوطى في الجامع الكبير ومن الاحاديث الصحيحة التى جاء التصريح فيها بالتوسل ماوراه الترمذى والنسائى والبيهقى والطبرانى باسناده صحيح عن عثمان بن حنيف وهو صحابى مشهور رضى الله عنه ان رجلا ضريرا أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال ادع الله أن يعافينى فقال ان شئت دعوت وان شئت صبرت وهو خير قال فادعه فامره أن يتوضأ فيحسن وضوء ويدعو بهذا الدعاء اللهم أنى أسالك وأتوجه اليك بنبيك محمد نبى الرحمة يا محمد انى أتوجه بك إلى ربى في حاجتى لتقضى اللهم شفعه في فعاد وقد أبصر وفى روايه قال ابن حنيف فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأن لم يكن به ضرقط ففى هذا الحديث التوسل والنداء أيضا وخرج هذا الحديث أيضا البخارى في تاريخه وابن ماجه والحاكم في المستدرك باسناد صحيح وذكره الجلال السيوطى في الجامع الكبير والصغير وليس لمنكر التوسل أن يقول ان هذا انما كان في حياة النبى صلى الله عليه وسلم لان قوله ذلك غير مقبول لان هذا الدعاء استعمله الصحابة رضى الله عنهم والتابعون أيضا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لقضاء حوائجهم فقد روى الطبرانى والبيهقى أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضى الله عنه في زمن خلافته في حاجة فكان لا يلتفت اليه ولا ينظر اليه فيه حاجته فشكى ذلك لثعمان بن حنيف الراوى للحديث المذكور فقال له ائت الميضاة فتوضا ثم ائت المسجد فصل ثم قل اللهم انى أسألك وأتوجه اليك بنينا محمد بنبينا محمد نبى الرحمة يا محمد انى أتوجه بكل إلى ربك لتقضى حاجتى وتذكر حاجتك فانطلق الرجل فصنع ذلك ثم أتى باب عثمان بن عفان رضى الله عنه فجاء البواب فأخذ بيده فأدخله على عثمان رضى الله عنه فأجلسه معه وقال له اذكر حاجتك فذكر حاجته فقضاها ثم قال له ما كان لك من حاجة فاذكرها ثم خرج من عنده فلقى ابن حنيف فقال له جزاك الله خيرا ما كان ينظر لحاجتى حتى كلمة لى فقال / صفحة 9 / ابن حنيف والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه ضرير فشكى اليه ذهاب بصره إلى آخر الحديث المتقدم فهذا توسل ونداء بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وروى البيهقى وابن ابى شيبة باسناد صحيح ان الناس أصابهم قحط في خلافة عمر رضى الله عنه فجاء بلال بن الحرث رضى الله عنه وكان من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم إلى قبر النبى صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله استسق لامتك فانهم هلكوا فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وأخبره انهم يسقون وليس الاستدلال بالرؤيا للنبى صلى الله عليه وسلم فان رؤياه وان كانت حقا لا تثبت بها الاحكام لا مكان اشتباه الكلام على الرائى لالشك في الرؤيا وانما الاستدلال بفعل الصحابى وهو بلال بن الحرث رضى الله عنه فاتيانه لقبر النبى صلى الله عليه وسلم ونداؤه له وطلبه منه ان يستسقى لامته دليل على ان ذلك جائز وهو من باب التوسل والتشفع والاستغاثة به صلى الله عليه وسلم وذلك من أعظم القربات وقد توسل به صلى الله عليه وسلم أبوه آدم عليه السلام قبل وجود سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حين اكل من الشجرة التى نهاه الله عنها وحديث توسل آدم عليه السلام بالنبى صلى الله عليه وسلم رواه البيهقى باسناد صحيح في كتابه المسمى دلائل النبوة الذى قال فيه الحافظ الذهبى عليك به فاته كله هدى ونور فرواه عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب اسألك بحق محمدا لا ما غفرت لى فقال الله تعالى يا آدم كيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال يا رب انك لما خلقتنى رفعت رأسى فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا اله الا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك الا أحب الخلق اليك فقال الله تعالى صدقت يا آدم انه لاحب الخلق إلى واذ سألتنى بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ماخلقتك رواه الحاكم وصححه والطبرانى وزاد فيه وهو آخر الانبياء من ذريتك والى هذا التوسل أشار الامام مالك رضى الله عنه للخليفة المنصور وذلك انه لما حج المنصور وزار قبر النبى صلى الله عليه وسلم سأل الامام مالكا رضى الله عنه وهو بالمسجد النبوى فقال لمالك يا أبا عبدالله أستقبل القبلة وأدعوأم أستقبل / صفحة 10 / رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدعو فقال له الامام مالك ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله تعالى بل استقبل واستشفع به فيشفعه الله فيك قال الله تعالى ولو أنهم اذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفرلهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما ذكره القاضى عياض في الشفاء وساقه باسناد صحيح وذكره الامام السبكى في شفاء السقام والسيد السمهودى في خلاصة الوفاء والعلامة القسطلانى في المواهب اللدنية والعلامة ابن حجر في الجوهر المنظم وذكره كثير من أرباب المناسك في آداب الزيارة قال العلامة ابن حجر في الجوهر المنظم رواية ذلك عن مالك جاءت بالسند الصحيح الذى لا مطعن فيه وقال العلامة الزرقانى في شرح المواهب ورواها ابن فهد باسناد جيد ورواها القاضى عياض في الشفاء باسناد صحيح رجاله ثقات ليس في اسنادها وضاع ولا كذاب ومراده بذلك الرد على من لم يصدق رواية ذلك عن الامام مالك ونسب له كراهية استقبال القبر فنسبة الكراهة إلى لامام مالك مردودة وقال بعض المفسرين في قوله تعالى فتلقى آدم من ربه كلمات ان من جملة تلك الكلمات توسل آدم بالنبى صلى الله عليه وسلم حين قال يا رب أسألك بحرمة محمد الا ما غفرت لى واستسقى عمر بن الخطاب رضى الله عنه في زمن خلافته بالعباس بن عبدالمطلب رضى الله عنه عم النبى صلى الله عليه وسلم لما اشتد القحط عام الرمادة فسقوا وذلك مذكور في صحيح البخارى من رواية أنس بن مالك رضى الله عنه وذلك من التوسل وفى المواهب اللدنية للعلامة القسطلانى ان عمر رضى الله عنه لما استسقى بالعباس رضى الله عنه قال يا أيها الناس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى للعباس ما يرى الولد للوالد فاقتدوا به في عمه العباس واتخذوه وسيلة إلى الله تعالى ففيه التصريح بالتوسل وبهذا يبطل قول من منع التوسل مطلقا سواء كان التوسل بالاحياء أو بالاموات وقول من منع ذلك بغير النبى صلى الله عليه وسلم ونص اللفظ الواقع من عمر رضى الله عنه حين استسقى بالعباس رضى الله عنه اللهم انا كنا نتوسل اليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا وانا نتوسل اليك بعم نبينا صلى الله عليه وسلم فاسقنا والحديث / صفحة 11 / مذكور في صحيح البخارى من رواية أنس بن مالك رضى الله عنه وصدر الحديث عن أنس رضى الله عنه ان عمر بن الخطاب رضى الله عنه كان اذا فحطوا استسقى بالعباس بن عبدالمطلب وقال اللهم انا كنا نتوسل اليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا وانا نتوسل اليك بعم نبينا فاستقنا قال فيسقون انتهى وفعل عمر رضى الله عنه حجة لقوله صلى الله عليه وسلم ان الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه رواه الامام أحمد والترمذى عن ابن عمر رضى الله عنهما ورواه الامام أحمد أيضا وأبوداود والحاكم في المستدرك عن أبى ذر رضى الله عنه ورواه أبويعلى والحاكم في المستدرك أيضا عن أبى هريرة رضى الله عنه ورواه الطبرانى في الكبير عن بلال ومعاوية رضى الله عنهما وروى الطبرانى في الكبير وابن عدى في الكامل عن الفضل بن العباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عمر معى وأنا مع عمر والحق بعدى مع عمر حيث كان وهذا مثل ما صح في حق على رضى الله عنه حيث قال صلى الله عليه وسلم في حقه وأدرالحق معه حيث دار وهو حديث صحيح رواه كثير من أصحاب السنن فكل من عمر وعلى رضى الله عنهما يكون الحق معهما حيثما كانا وهذان الحديثان من جملة الادلة التى استدل بها أهل السنة على صحة خلافة الخلفاء الاربعة لان عليا رضى الله عنه كان مع الخلفاء الثلاثة قبله لم ينازعهم في الخلافة فلما جاءت الخلافة له ونازعه غيره ممن لا يستحق التقدم عليه قاتله ومن الادلة على أن توسل عمر بالعباس رضى الله عنهما حجة على جواز التوسل قوله صلى الله عليه وسلم لو كان بعدى نبى لكان عمر رواه الامام أحمد والترمذى والحاكم في المستدرك عن عقبة بن عامر الجهنى رضى الله عنه ورواه الطبرانى في الكبير عن عصمة بن مالك رضى الله عنه وروى الطبرانى في الكبير عن أبى الدرداء رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اقتدوا باللذين من بعدى أبى بكر وعمر فانهما حبل الله الممدود من تمسك بهما فقد تمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها وانما استسقى عمر رضى الله عنه بالعباس رضى الله عنه ولم يستسق بالنبى صلى الله عليه وسلم ليبين للناس جواز الاستسقاء بغير النبى صلى الله عليه وسلم وان ذلك / صفحة 12 / لاحرج فيه وأما الاستسقاء بالنبى صلى الله عليه وسلم فكان معلوما عندهم فلربما أن بعض الناس يتوهم أنه لايجوز الاستسقاء بغير النبى صلى الله عليه وسلم فبين لهم عمر باستسقائه بالعباس الجواز ولو استسقى بالنبى صلى الله عليه وسلم لربما يفهم منه بعض الناس أنه لايجوز الاستسقاء بغيره صلى الله عليه وسلم وليس لقائل أن يقول انما استسقى بالعباس لانه حى والنبى صلى الله عليه وسلم قدمات وأن الاستسقاء بغير الحى لا يجوز لانا نقول ان هذا الوهم باطل ومردود بادلة كثيرة منها توسل الصحابة رضى الله عنهم بالنبى صلى الله عليه وسلم بعد وفاته كما تقدم في القصة التى رواها عثمان بن حنيف في الحاجة التى كانت للرجل عند عثمان بن عفان رضى الله عنه وكما في حديث بلال ابن الحرث رضى الله عنه وكما في توسل آدم بالنبى صلى الله عليه وسلم قبل وجوده وحديث توسل آدم رواه عمر رضى الله عنه كما تقدم فكيف يتوهم انه لايعتقد صحته بعد وفاته وقد روى التوسل به قبل وجوده مع انه صلى الله عليه وسلم حى في قبره فتلخص من هذا انه يصح التوسل به صلى الله عليه وسلم قبل وجوده وفي حياته وبعد وفاته وانه يصح أيضا التوسل بغيره من الاخيار كما فعله عمر حين استسقى بالعباس رضى الله عنهما وذلك من أنواع التوسل كما تقدم وانما خص عمر العباس رضى الله عنهما من بين سائر الصحابة رضى الله عنهم لاظهار شرف أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولبيان انه يجوز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل فان عليا رضى الله عنه كان موجودا وهو أفضل من العباس رضى الله عنه قال بعض العارفين وفى توسل عمر بالعباس رضى الله عنهما دون النبى صلى الله عليه وسلم نكتة أخرى أيضا زيادة على ما تقدم وهى شفقة عمر رضى الله عنه على ضعفاء المؤمنين فانه لواستسقى بالنبى صلى الله عليه وسلم لربما استاخرت الاجابة لانها معلقة بارادة الله تعالى ومشيئته فلو تأخرت الاجابة ربما تقع وسوسة واضطراب لمن كان ضعيف الايمان بسبب تاخر الاجابة بخلاف ما اذا كان التوسل بغير النبى صلى الله عليه وسلم فانها لو تأخرت الاجابة لا تحصل تلك الوسوسة ولا ذلك الاضطراب والحاصل ان مذهب أهل السنة والجماعة صحة / صفحة 13 / التوسل وجوازه بالنبى صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد وفاته وكذا بغيره من الانبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين وكذا بالاولياء والصالحين كما دلت عليه الاحاديث السابقة لانا معاشر أهل السنة لانعتقد تاثيرا ولاخلقا ولاايجاد اولا اعداما ولانفعا وضرا الا الله وحده لاشريك له ولانعتقد تاثيرا ولا نفعا ولا ضر اللنبى صلى الله عليه وسلم ولا لغيره من الاحياء والاموات فلا فرق في التوسل بالنبى صلى الله عليه وسلم وغيره من الانبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين وكذا بالاولياء والصالحين لا فرق بين كونهم أحياء وأمواتا لانهم لايخلقون شيا وليس لهم تأثير في شئ وانما يتبرك بهم لكونهم أحباء الله تعالى وأما الخلق والايجاد والاعدام والنفع والضرفانه لله وحده لا شريك له وأما الذين يفرقون بين الاحياء والاموات فانهم بذلك الفرق يتوهم منهم انهم يعتقدون التأثير للاحياء دون الاموات ونحن نقول الله خالق كل شئ والله خلقكم وما تعملون فهؤلاء المجوزون التوسل بالاحياء دون الاموات هم المعتقدون تاثير غير الله وهم الذين دخل الشرك في توحيدهم لكونهم اعتقدوا تاثير الاحياء دون الاموات فكييف يدعون انهم محافطون على التوحيد وينسبون غيرهم إلى الاشراك سبحانك هذا بهتان عظيم فالتوسل والتشفع والاستغاثة كلها بمعنى واحد وليس لها في قلوب المؤمنين معنى الا التبرك بذكر أحباء الله تعالى لما ثبت ان الله يرحم العباد بسببهم سواء كانوا أحياء أو أمواتا فالمؤثر والموجد حقيقة هو الله تعالى وذكر هؤلاء الاخيار سبب عادى في ذلك التأثير وذلك مثل الكسب العادى فانه لا تاثير له وحياة الانبياء عليهم الصلاة والسلام في قبورهم ثابتة عند أهل السنة بادلة كثيرة منها حديث مررت على موسى ليلة أسرى بى يصلى في قبره ومثله مررت على ابراهيم فامرنى بتبليغ أمتى السلام وان أخبرهم ان الجنة طيبة التربة وانها فيعان وان غراسها سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله أكبر ومثل حديث اجتماعهم لما صلى بهم في بيت المقدس ليلة أسرى به ثم تلقوه في السموات وحديث تردد النبى صلى الله عليه وسلم بين موسى ومقام مكالمته ربه لما فرض عليه خمسين / صفحة 14 / صلاة فامره موسى بالمراجعة وحديث ان الانبياء يحجون ويلبون وكل هذه الاحاديث الصحيحة لا مطعن فيها الطاعن فلا حاجة إلى الاطالة بذكرها وأيضا فقد ثبت بنص القرآن حياة الشهداء والانبياء أفضل من الشهداء فالحياة لهم ثابتة بالاولى ثم ان الحياة الثابتة للانبياء عليهم الصلاة والسلام وللشهداء ليست مثل الحياة الدنيوية بل هى حياة تشبه حال الملائكة ولا يعلم صفتها وحقيقتها الا الله تعالى فيجب علينا الايمان بثبوتها من غير بحث عن صفتها وكيفيتها واذا كان الامر كذلك فلاينافى ان كلامنهم قدمات وانتقل من الحياة الدنيوية بمعنى انه زالت عنه الحياة التى كانت في دار الدنيا وثبتت لهم حياة أخرى فلا اشكال في قوله تعالى انكه ميت وانهم ميتون والكلام على ذلك مبسوط في المطولات فلا حاجة لنا إلى الاطالة بذكره فان قال قائل ان شبهة هؤلاء المانعين للتوسل انهم رأوا بعض العامة ياتون بالفاظ توهم انهم يعتقدون التاثير لغير الله تعالى ويطلبون من الصالحين أحياء وأمواتا أشياء جرت العادة بانها لا تطلب الا من الله تعالى ويقولون للولى افعل لى كذا وكذا وانهم ربما يعتقدون الولاية في اشخاص لم يتصفوا بها بل اتصفوا بالتخليط وعدم الاستقامة وينسبون لهم كرامات وخوارق عادات وأحوالا ومقامات وليسوا باهل لها ولم يوجد فيهم شئ منها فاراد هؤلاء المانعون للتوسل أن يمنعوا العامة من تلك التوسعات دفعا للايهام وسدا للذريعة وان كانوا يعملون ان العامة لايعتقدون تاثيرا ولا نفعا ولاضر الغير الله تعالى ولا يقصدون بالتوسل الا التبرك ولو أسندوا للاولياء شيأ لا يعتقدون فيهم تأثيرا فنقول لهم اذا كان الامر كذلك وقصدتم سد الذريعة فما الحامل لكم على تكفير الامة عالمهم وجاهلهم خاصهم وعامهم وما الحامل لكم على منع التوسل مطلقا بل كان ينبغى لكم أن تمنعوا العامة من الالفاظ الموهمة لتاثير غير الله تعالى وتأمروهم بسلوك الادب في التوسل مع ان تلك الالفاظ الموهمة يمكم حملها على المجاز من غير احتياج إلى التكفير للمسلمين وذلك المجاز غقلى شائع معروف عند أهل العلم ومستعمل على ألسنة جميع ؤالمسلمين ووارد في الكتاب / صفحة 15 / والسنة وعليه يحمل قول القائل هذا الطعام أشبعنى وهذا الماء أروانى وهذا الدواء شفانى وهذا الطبيب نفعنى فكل ذلك عند أهل السنة محمول على المجاز العقلى فان الطعام لا يشبع حقيقة والمشبع حقيقة هو الله تعالى والطعام سبب عادى فاسناد الشبع له مجاز عقلى والطعام سبب عادى لاتاثير له وهكذا بقية الامثلة فالمسلم الموحدمتى صدر منه اسناد لغير من هو له يجب حمله على المجاز العقلى والاسلام والتوحيد قرينة على ذلك المجاز كما نص ععل ذلك علماء المعانى في كتبهم وأجمعوا عليه وأما منع التوسل مطلقا فلا وجه له مع ثبوته في الاحاديث الصحيحة وصدوره من النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلف الامة وخلقها فهؤلاء المنكرون للتوسل المانعون منه منهم من يجعله محترما ومنهم من يجعله كفرا وانمرا كاوكل ذلك باطل لانه يؤدى إلى اجتماع معظم الامة على ضلالة ومن تتبع كلام الصحابة وعلماء الامة سلفها وخلفهها يجد التوسل صادرا منهم بل ومن كل مؤمن في أوقات كثيرة واجتماع أكثر الامة على محرم أو كفر لا يجوز لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لا تجتمع أمتى على ضلالة قال بعضهم ان هذا حديث متواتر وقال تعالى كنتم خير أمة أخرجت للناس فكيف تجتمع كلها أو أكثرها على ضلالة وهى خير أمة أخرجت للناس فاللائق بهؤلاء المنكرين اذا أرادوا سد الذريعة ومنع الناس من الالفاظ الموهمة لتأثير غير الله تعالى ان يقولوا ينبغى أن يكون التوسل بالادب وبالالفاظ التى ليس فيها ايهام كان يقول المتوسل اللهم انى أسألك وأتوسل اليك بنبيك صلى الله عليه وسلم وبالانبياء قبله وبعباده الصالحين أن تفعل بى كذا وكذا لا انهم يمنعون من التوسل ولا ان يتجاسروا على تكفير المسلمين الموحدين الذين لايعتقدون التأثير الا لله وحده لا شريك له ومن الشبه التى تمسك بها هؤلاء المنكرون للتوسل قوله تعالى لاتجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا فان الله نهى المؤمنين في هذه الآية أن يخاطبوا النبى صلى الله عليه وسلم بمثل ما يخاطب بعضهم بعضا كان ينادوه باسمه وقياسا على ذلك يقال لا ينبغى ان يطلب من غير الله تعالى كالانبياء والصالحين الاشياء التى | ||||||||||||||
| |||||||||||||||
| ![]() |
| رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||||||||||||
|
/ صفحة 7 / قوله بحق السائلين عليك فان فيه التوسل بكل عبد مؤمن وروى الحديث المذكور أيضا ابن السنى باسناد صحيح عن بلال رضى الله عنه مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولفظه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا خرج إلى الصلاة قال بسم الله آمنت بالله وتوكلت على الله ولاحول ولا قوة الا بالله اللهم انى أسألك بحق السائلين عليك وبحق مخرجى هذا فانى لم أخرج بطرا ولاأشرا ولارياء ولاسمعة خرجت ابتغاء مرضاتك واتقاء سخطك أسألك أن تعيذنى من النار وأن تدخلنى الجنة ورواه الحافظ أبونعيم في عمل اليوم والليلة من حديث أبى سعيد بلفظ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا خرج إلى الصلاة قال اللهم انى أسألك بحق السائلين إلى آخر الحديث المتقدم ورواه البيهقى في كتاب الدعوات من حديث أبى سعيد أيضا ومحل الاستدلال قوله أسألك بحق السائلين عليك فعلم من هذا كله أن التوسل صدر من النبى صلى الله عليه وسلم وأمر أصحابه أن يقولوه ولم يزل السلف من التابعين ومن بعدهم يستعملون هذا الدعاء عند خروجهم إلى الصلاة ولم ينكر عليهم أحد في الدعاء به ومما جاء عنه صلى الله عليه وسلم من التوسل أنه كان يقول في بعض أدعيته بحق نبيك والانبياء الذين من قبلى قال العلامة ابن حجر في الجوهر المنظم رواه الطبرانى بسند جيد ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم اغفر لامى فاطمة بنت أسد ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والانبياء الذين من قبلى وهذا اللفظ قطعة من حديث طويل رواه الطبرانى في الكبير والاوسط وابن حبان والحاكم وصححوه عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم على بن أبى طالب رضى الله عنه وكانت ربت النبى صلى الله عليه وسلم دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم عند رأسها وقال رحمك الله يا أمى بعد أمى وذكر ثناءه عليها وتكفينها ببرده وأمره بحفر قبرها قال فلما بلغوا اللحد حفره صلى الله عليه وسلم بيده وأخرج ترابه بيده فلما فرغ دخل صلى الله عليه وسلم فاضطجع فيه ثم قال الله الذى يحيى ويميت وهو حى لا يموت اغفر لامى فاطمة بنت أسد ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والانبياء الذين من قبلى فانك / صفحة 8 / أرحم الراحمين وروى ابن أبى شيبة عن جابر رضى الله عنه مثل ذلك وكذا روى مثله ابن عبدالبر عن ابن عباس رضى الله عنهما ورواه أبونعيم في الحلية عن أنس رضى الله عنه ذكر ذلك كله الحافظ جلال الدين السيوطى في الجامع الكبير ومن الاحاديث الصحيحة التى جاء التصريح فيها بالتوسل ماوراه الترمذى والنسائى والبيهقى والطبرانى باسناده صحيح عن عثمان بن حنيف وهو صحابى مشهور رضى الله عنه ان رجلا ضريرا أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال ادع الله أن يعافينى فقال ان شئت دعوت وان شئت صبرت وهو خير قال فادعه فامره أن يتوضأ فيحسن وضوء ويدعو بهذا الدعاء اللهم أنى أسالك وأتوجه اليك بنبيك محمد نبى الرحمة يا محمد انى أتوجه بك إلى ربى في حاجتى لتقضى اللهم شفعه في فعاد وقد أبصر وفى روايه قال ابن حنيف فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأن لم يكن به ضرقط ففى هذا الحديث التوسل والنداء أيضا وخرج هذا الحديث أيضا البخارى في تاريخه وابن ماجه والحاكم في المستدرك باسناد صحيح وذكره الجلال السيوطى في الجامع الكبير والصغير وليس لمنكر التوسل أن يقول ان هذا انما كان في حياة النبى صلى الله عليه وسلم لان قوله ذلك غير مقبول لان هذا الدعاء استعمله الصحابة رضى الله عنهم والتابعون أيضا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لقضاء حوائجهم فقد روى الطبرانى والبيهقى أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضى الله عنه في زمن خلافته في حاجة فكان لا يلتفت اليه ولا ينظر اليه فيه حاجته فشكى ذلك لثعمان بن حنيف الراوى للحديث المذكور فقال له ائت الميضاة فتوضا ثم ائت المسجد فصل ثم قل اللهم انى أسألك وأتوجه اليك بنينا محمد بنبينا محمد نبى الرحمة يا محمد انى أتوجه بكل إلى ربك لتقضى حاجتى وتذكر حاجتك فانطلق الرجل فصنع ذلك ثم أتى باب عثمان بن عفان رضى الله عنه فجاء البواب فأخذ بيده فأدخله على عثمان رضى الله عنه فأجلسه معه وقال له اذكر حاجتك فذكر حاجته فقضاها ثم قال له ما كان لك من حاجة فاذكرها ثم خرج من عنده فلقى ابن حنيف فقال له جزاك الله خيرا ما كان ينظر لحاجتى حتى كلمة لى فقال / صفحة 9 / ابن حنيف والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه ضرير فشكى اليه ذهاب بصره إلى آخر الحديث المتقدم فهذا توسل ونداء بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وروى البيهقى وابن ابى شيبة باسناد صحيح ان الناس أصابهم قحط في خلافة عمر رضى الله عنه فجاء بلال بن الحرث رضى الله عنه وكان من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم إلى قبر النبى صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله استسق لامتك فانهم هلكوا فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وأخبره انهم يسقون وليس الاستدلال بالرؤيا للنبى صلى الله عليه وسلم فان رؤياه وان كانت حقا لا تثبت بها الاحكام لا مكان اشتباه الكلام على الرائى لالشك في الرؤيا وانما الاستدلال بفعل الصحابى وهو بلال بن الحرث رضى الله عنه فاتيانه لقبر النبى صلى الله عليه وسلم ونداؤه له وطلبه منه ان يستسقى لامته دليل على ان ذلك جائز وهو من باب التوسل والتشفع والاستغاثة به صلى الله عليه وسلم وذلك من أعظم القربات وقد توسل به صلى الله عليه وسلم أبوه آدم عليه السلام قبل وجود سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حين اكل من الشجرة التى نهاه الله عنها وحديث توسل آدم عليه السلام بالنبى صلى الله عليه وسلم رواه البيهقى باسناد صحيح في كتابه المسمى دلائل النبوة الذى قال فيه الحافظ الذهبى عليك به فاته كله هدى ونور فرواه عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب اسألك بحق محمدا لا ما غفرت لى فقال الله تعالى يا آدم كيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال يا رب انك لما خلقتنى رفعت رأسى فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا اله الا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك الا أحب الخلق اليك فقال الله تعالى صدقت يا آدم انه لاحب الخلق إلى واذ سألتنى بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ماخلقتك رواه الحاكم وصححه والطبرانى وزاد فيه وهو آخر الانبياء من ذريتك والى هذا التوسل أشار الامام مالك رضى الله عنه للخليفة المنصور وذلك انه لما حج المنصور وزار قبر النبى صلى الله عليه وسلم سأل الامام مالكا رضى الله عنه وهو بالمسجد النبوى فقال لمالك يا أبا عبدالله أستقبل القبلة وأدعوأم أستقبل / صفحة 10 / رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدعو فقال له الامام مالك ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله تعالى بل استقبل واستشفع به فيشفعه الله فيك قال الله تعالى ولو أنهم اذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفرلهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما ذكره القاضى عياض في الشفاء وساقه باسناد صحيح وذكره الامام السبكى في شفاء السقام والسيد السمهودى في خلاصة الوفاء والعلامة القسطلانى في المواهب اللدنية والعلامة ابن حجر في الجوهر المنظم وذكره كثير من أرباب المناسك في آداب الزيارة قال العلامة ابن حجر في الجوهر المنظم رواية ذلك عن مالك جاءت بالسند الصحيح الذى لا مطعن فيه وقال العلامة الزرقانى في شرح المواهب ورواها ابن فهد باسناد جيد ورواها القاضى عياض في الشفاء باسناد صحيح رجاله ثقات ليس في اسنادها وضاع ولا كذاب ومراده بذلك الرد على من لم يصدق رواية ذلك عن الامام مالك ونسب له كراهية استقبال القبر فنسبة الكراهة إلى لامام مالك مردودة وقال بعض المفسرين في قوله تعالى فتلقى آدم من ربه كلمات ان من جملة تلك الكلمات توسل آدم بالنبى صلى الله عليه وسلم حين قال يا رب أسألك بحرمة محمد الا ما غفرت لى واستسقى عمر بن الخطاب رضى الله عنه في زمن خلافته بالعباس بن عبدالمطلب رضى الله عنه عم النبى صلى الله عليه وسلم لما اشتد القحط عام الرمادة فسقوا وذلك مذكور في صحيح البخارى من رواية أنس بن مالك رضى الله عنه وذلك من التوسل وفى المواهب اللدنية للعلامة القسطلانى ان عمر رضى الله عنه لما استسقى بالعباس رضى الله عنه قال يا أيها الناس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى للعباس ما يرى الولد للوالد فاقتدوا به في عمه العباس واتخذوه وسيلة إلى الله تعالى ففيه التصريح بالتوسل وبهذا يبطل قول من منع التوسل مطلقا سواء كان التوسل بالاحياء أو بالاموات وقول من منع ذلك بغير النبى صلى الله عليه وسلم ونص اللفظ الواقع من عمر رضى الله عنه حين استسقى بالعباس رضى الله عنه اللهم انا كنا نتوسل اليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا وانا نتوسل اليك بعم نبينا صلى الله عليه وسلم فاسقنا والحديث / صفحة 11 / مذكور في صحيح البخارى من رواية أنس بن مالك رضى الله عنه وصدر الحديث عن أنس رضى الله عنه ان عمر بن الخطاب رضى الله عنه كان اذا فحطوا استسقى بالعباس بن عبدالمطلب وقال اللهم انا كنا نتوسل اليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا وانا نتوسل اليك بعم نبينا فاستقنا قال فيسقون انتهى وفعل عمر رضى الله عنه حجة لقوله صلى الله عليه وسلم ان الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه رواه الامام أحمد والترمذى عن ابن عمر رضى الله عنهما ورواه الامام أحمد أيضا وأبوداود والحاكم في المستدرك عن أبى ذر رضى الله عنه ورواه أبويعلى والحاكم في المستدرك أيضا عن أبى هريرة رضى الله عنه ورواه الطبرانى في الكبير عن بلال ومعاوية رضى الله عنهما وروى الطبرانى في الكبير وابن عدى في الكامل عن الفضل بن العباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عمر معى وأنا مع عمر والحق بعدى مع عمر حيث كان وهذا مثل ما صح في حق على رضى الله عنه حيث قال صلى الله عليه وسلم في حقه وأدرالحق معه حيث دار وهو حديث صحيح رواه كثير من أصحاب السنن فكل من عمر وعلى رضى الله عنهما يكون الحق معهما حيثما كانا وهذان الحديثان من جملة الادلة التى استدل بها أهل السنة على صحة خلافة الخلفاء الاربعة لان عليا رضى الله عنه كان مع الخلفاء الثلاثة قبله لم ينازعهم في الخلافة فلما جاءت الخلافة له ونازعه غيره ممن لا يستحق التقدم عليه قاتله ومن الادلة على أن توسل عمر بالعباس رضى الله عنهما حجة على جواز التوسل قوله صلى الله عليه وسلم لو كان بعدى نبى لكان عمر رواه الامام أحمد والترمذى والحاكم في المستدرك عن عقبة بن عامر الجهنى رضى الله عنه ورواه الطبرانى في الكبير عن عصمة بن مالك رضى الله عنه وروى الطبرانى في الكبير عن أبى الدرداء رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اقتدوا باللذين من بعدى أبى بكر وعمر فانهما حبل الله الممدود من تمسك بهما فقد تمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها وانما استسقى عمر رضى الله عنه بالعباس رضى الله عنه ولم يستسق بالنبى صلى الله عليه وسلم ليبين للناس جواز الاستسقاء بغير النبى صلى الله عليه وسلم وان ذلك / صفحة 12 / لاحرج فيه وأما الاستسقاء بالنبى صلى الله عليه وسلم فكان معلوما عندهم فلربما أن بعض الناس يتوهم أنه لايجوز الاستسقاء بغير النبى صلى الله عليه وسلم فبين لهم عمر باستسقائه بالعباس الجواز ولو استسقى بالنبى صلى الله عليه وسلم لربما يفهم منه بعض الناس أنه لايجوز الاستسقاء بغيره صلى الله عليه وسلم وليس لقائل أن يقول انما استسقى بالعباس لانه حى والنبى صلى الله عليه وسلم قدمات وأن الاستسقاء بغير الحى لا يجوز لانا نقول ان هذا الوهم باطل ومردود بادلة كثيرة منها توسل الصحابة رضى الله عنهم بالنبى صلى الله عليه وسلم بعد وفاته كما تقدم في القصة التى رواها عثمان بن حنيف في الحاجة التى كانت للرجل عند عثمان بن عفان رضى الله عنه وكما في حديث بلال ابن الحرث رضى الله عنه وكما في توسل آدم بالنبى صلى الله عليه وسلم قبل وجوده وحديث توسل آدم رواه عمر رضى الله عنه كما تقدم فكيف يتوهم انه لايعتقد صحته بعد وفاته وقد روى التوسل به قبل وجوده مع انه صلى الله عليه وسلم حى في قبره فتلخص من هذا انه يصح التوسل به صلى الله عليه وسلم قبل وجوده وفي حياته وبعد وفاته وانه يصح أيضا التوسل بغيره من الاخيار كما فعله عمر حين استسقى بالعباس رضى الله عنهما وذلك من أنواع التوسل كما تقدم وانما خص عمر العباس رضى الله عنهما من بين سائر الصحابة رضى الله عنهم لاظهار شرف أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولبيان انه يجوز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل فان عليا رضى الله عنه كان موجودا وهو أفضل من العباس رضى الله عنه قال بعض العارفين وفى توسل عمر بالعباس رضى الله عنهما دون النبى صلى الله عليه وسلم نكتة أخرى أيضا زيادة على ما تقدم وهى شفقة عمر رضى الله عنه على ضعفاء المؤمنين فانه لواستسقى بالنبى صلى الله عليه وسلم لربما استاخرت الاجابة لانها معلقة بارادة الله تعالى ومشيئته فلو تأخرت الاجابة ربما تقع وسوسة واضطراب لمن كان ضعيف الايمان بسبب تاخر الاجابة بخلاف ما اذا كان التوسل بغير النبى صلى الله عليه وسلم فانها لو تأخرت الاجابة لا تحصل تلك الوسوسة ولا ذلك الاضطراب والحاصل ان مذهب أهل السنة والجماعة صحة / صفحة 13 / التوسل وجوازه بالنبى صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد وفاته وكذا بغيره من الانبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين وكذا بالاولياء والصالحين كما دلت عليه الاحاديث السابقة لانا معاشر أهل السنة لانعتقد تاثيرا ولاخلقا ولاايجاد اولا اعداما ولانفعا وضرا الا الله وحده لاشريك له ولانعتقد تاثيرا ولا نفعا ولا ضر اللنبى صلى الله عليه وسلم ولا لغيره من الاحياء والاموات فلا فرق في التوسل بالنبى صلى الله عليه وسلم وغيره من الانبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين وكذا بالاولياء والصالحين لا فرق بين كونهم أحياء وأمواتا لانهم لايخلقون شيا وليس لهم تأثير في شئ وانما يتبرك بهم لكونهم أحباء الله تعالى وأما الخلق والايجاد والاعدام والنفع والضرفانه لله وحده لا شريك له وأما الذين يفرقون بين الاحياء والاموات فانهم بذلك الفرق يتوهم منهم انهم يعتقدون التأثير للاحياء دون الاموات ونحن نقول الله خالق كل شئ والله خلقكم وما تعملون فهؤلاء المجوزون التوسل بالاحياء دون الاموات هم المعتقدون تاثير غير الله وهم الذين دخل الشرك في توحيدهم لكونهم اعتقدوا تاثير الاحياء دون الاموات فكييف يدعون انهم محافطون على التوحيد وينسبون غيرهم إلى الاشراك سبحانك هذا بهتان عظيم فالتوسل والتشفع والاستغاثة كلها بمعنى واحد وليس لها في قلوب المؤمنين معنى الا التبرك بذكر أحباء الله تعالى لما ثبت ان الله يرحم العباد بسببهم سواء كانوا أحياء أو أمواتا فالمؤثر والموجد حقيقة هو الله تعالى وذكر هؤلاء الاخيار سبب عادى في ذلك التأثير وذلك مثل الكسب العادى فانه لا تاثير له وحياة الانبياء عليهم الصلاة والسلام في قبورهم ثابتة عند أهل السنة بادلة كثيرة منها حديث مررت على موسى ليلة أسرى بى يصلى في قبره ومثله مررت على ابراهيم فامرنى بتبليغ أمتى السلام وان أخبرهم ان الجنة طيبة التربة وانها فيعان وان غراسها سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله أكبر ومثل حديث اجتماعهم لما صلى بهم في بيت المقدس ليلة أسرى به ثم تلقوه في السموات وحديث تردد النبى صلى الله عليه وسلم بين موسى ومقام مكالمته ربه لما فرض عليه خمسين / صفحة 14 / صلاة فامره موسى بالمراجعة وحديث ان الانبياء يحجون ويلبون وكل هذه الاحاديث الصحيحة لا مطعن فيها الطاعن فلا حاجة إلى الاطالة بذكرها وأيضا فقد ثبت بنص القرآن حياة الشهداء والانبياء أفضل من الشهداء فالحياة لهم ثابتة بالاولى ثم ان الحياة الثابتة للانبياء عليهم الصلاة والسلام وللشهداء ليست مثل الحياة الدنيوية بل هى حياة تشبه حال الملائكة ولا يعلم صفتها وحقيقتها الا الله تعالى فيجب علينا الايمان بثبوتها من غير بحث عن صفتها وكيفيتها واذا كان الامر كذلك فلاينافى ان كلامنهم قدمات وانتقل من الحياة الدنيوية بمعنى انه زالت عنه الحياة التى كانت في دار الدنيا وثبتت لهم حياة أخرى فلا اشكال في قوله تعالى انكه ميت وانهم ميتون والكلام على ذلك مبسوط في المطولات فلا حاجة لنا إلى الاطالة بذكره فان قال قائل ان شبهة هؤلاء المانعين للتوسل انهم رأوا بعض العامة ياتون بالفاظ توهم انهم يعتقدون التاثير لغير الله تعالى ويطلبون من الصالحين أحياء وأمواتا أشياء جرت العادة بانها لا تطلب الا من الله تعالى ويقولون للولى افعل لى كذا وكذا وانهم ربما يعتقدون الولاية في اشخاص لم يتصفوا بها بل اتصفوا بالتخليط وعدم الاستقامة وينسبون لهم كرامات وخوارق عادات وأحوالا ومقامات وليسوا باهل لها ولم يوجد فيهم شئ منها فاراد هؤلاء المانعون للتوسل أن يمنعوا العامة من تلك التوسعات دفعا للايهام وسدا للذريعة وان كانوا يعملون ان العامة لايعتقدون تاثيرا ولا نفعا ولاضر الغير الله تعالى ولا يقصدون بالتوسل الا التبرك ولو أسندوا للاولياء شيأ لا يعتقدون فيهم تأثيرا فنقول لهم اذا كان الامر كذلك وقصدتم سد الذريعة فما الحامل لكم على تكفير الامة عالمهم وجاهلهم خاصهم وعامهم وما الحامل لكم على منع التوسل مطلقا بل كان ينبغى لكم أن تمنعوا العامة من الالفاظ الموهمة لتاثير غير الله تعالى وتأمروهم بسلوك الادب في التوسل مع ان تلك الالفاظ الموهمة يمكم حملها على المجاز من غير احتياج إلى التكفير للمسلمين وذلك المجاز غقلى شائع معروف عند أهل العلم ومستعمل على ألسنة جميع ؤالمسلمين ووارد في الكتاب / صفحة 15 / والسنة وعليه يحمل قول القائل هذا الطعام أشبعنى وهذا الماء أروانى وهذا الدواء شفانى وهذا الطبيب نفعنى فكل ذلك عند أهل السنة محمول على المجاز العقلى فان الطعام لا يشبع حقيقة والمشبع حقيقة هو الله تعالى والطعام سبب عادى فاسناد الشبع له مجاز عقلى والطعام سبب عادى لاتاثير له وهكذا بقية الامثلة فالمسلم الموحدمتى صدر منه اسناد لغير من هو له يجب حمله على المجاز العقلى والاسلام والتوحيد قرينة على ذلك المجاز كما نص ععل ذلك علماء المعانى في كتبهم وأجمعوا عليه وأما منع التوسل مطلقا فلا وجه له مع ثبوته في الاحاديث الصحيحة وصدوره من النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلف الامة وخلقها فهؤلاء المنكرون للتوسل المانعون منه منهم من يجعله محترما ومنهم من يجعله كفرا وانمرا كاوكل ذلك باطل لانه يؤدى إلى اجتماع معظم الامة على ضلالة ومن تتبع كلام الصحابة وعلماء الامة سلفها وخلفهها يجد التوسل صادرا منهم بل ومن كل مؤمن في أوقات كثيرة واجتماع أكثر الامة على محرم أو كفر لا يجوز لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لا تجتمع أمتى على ضلالة قال بعضهم ان هذا حديث متواتر وقال تعالى كنتم خير أمة أخرجت للناس فكيف تجتمع كلها أو أكثرها على ضلالة وهى خير أمة أخرجت للناس فاللائق بهؤلاء المنكرين اذا أرادوا سد الذريعة ومنع الناس من الالفاظ الموهمة لتأثير غير الله تعالى ان يقولوا ينبغى أن يكون التوسل بالادب وبالالفاظ التى ليس فيها ايهام كان يقول المتوسل اللهم انى أسألك وأتوسل اليك بنبيك صلى الله عليه وسلم وبالانبياء قبله وبعباده الصالحين أن تفعل بى كذا وكذا لا انهم يمنعون من التوسل ولا ان يتجاسروا على تكفير المسلمين الموحدين الذين لايعتقدون التأثير الا لله وحده لا شريك له ومن الشبه التى تمسك بها هؤلاء المنكرون للتوسل قوله تعالى لاتجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا فان الله نهى المؤمنين في هذه الآية أن يخاطبوا النبى صلى الله عليه وسلم بمثل ما يخاطب بعضهم بعضا كان ينادوه باسمه وقياسا على ذلك يقال لا ينبغى ان يطلب من غير الله تعالى كالانبياء والصالحين الاشياء التى | ||||||||||||||
| |||||||||||||||
| ![]() |
| رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||||||||||||
|
/ صفحة 16 / جرت العادة بانها لاتطلب الا من الله تعالى لئلا تحصل المساواة بين الله تعالى وخلقه بحسب الظاهر وان كان الطلب من الله على انه الموجد للشئ والمؤثر فيه ومن غيره على انه سبب عادى لكنه ربما يوهم التاثير فالمنع من ذلك الطلب لدفع هذا الايهام والجواب ان هذا لايقتضى المنع من التوسل مطلقا ولا يقتضى منع الطلب من موحد فانه يحمل على المجاز العقلى اذا صدر من موحد فلا وجه لكونه شركا ولا لكونه محرما فلو قالوا ان ذلك خلاف الادب وجازوا التوسل وشرطوا فيه أن يكون بادب والاحتراز عن الالفاظ الموهمة لكان له وجه وأما المنع مطلقا فلا وجه له قال العلامة ابن حجر في الجوهر المنظم ولا فرق في التوسل بين أن يكون بلفظ التوسل أو التشفع أو الاستغاثة أو التوجه لان التوجه من الجاه وهو علو المنزلة وقد يتوسل بذى الجاه إلى من هو أعلى منه جاها والاستغاثة معناها طلب الغوث والمستغيث يطلب من المستغاث به ان يحصل له الغوث من غيره وان كان أعلى منه فالتوجه والاستغاثة به صلى الله عليه وسلم وبغيره ليس لهما معنى في قلوب المسلمين الاطلب الغوث حقيقة من الله تعالى ومجازا بالتسبب العادى من غيره ولا يقصد أحد من المسلمين غير ذلك المعنى فمن لم ينشرح لذلك صدره فليبك على نفسه نسال الله العافية فالمستغاث به في الحقيقة هو الله تعالى وأما النبى صلى الله عليه وسلم فهو واسطة بينه وبين المستغيث فهو سبحانه وتعالى مستغاث به حقيقة والغوث منه بالخلق والايجاد والنبى صلى الله عليه وسلم مستغاث به مجازا والغوث منه بالكسب ولتسبب العادى باعتبار توجهه وتشفعه عند الله لعلو منزلته وقدره فهو على حد قوله تعالى وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى أى وما رميت خلقا وايجاد اذ رميت تسببا وكسبا ولن الله رمى خلقا وايجادا وكذا قوله تعالى فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وقوله صلى الله عليه وسلم ما أنا حملتكم ولكن الله حملكم وكثيرا ما تجئ السنة لبيان الحقيقة ويجئ القرآن الكريم باضافة الفعل لمكتسبه ويسند اليه مجازا كقوله تعالى ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون وقوله صلى الله عليه وسلم لن يدخل أحدكم الجنة بعمله فالآية بيان المسبب العادى والحديث لبيان سبب فعل / صفحة 17 / الفاعل الحقيقى وهو فضل الله تعالى وبالجملة فاطلاق لفظ الاستغاثة لمن يحصل منه غوث باعتبار الكسب أمر معلوم لاشك فيه لغة ولا شرعا فاذا قلت أغثنى يا ألله تريد الاسناد الحقيقى باعتبار الخلق والايجاد واذا قلت أغثنى يا رسول الله تريد الاسناد المجازى باعتبار التسبب والكسب والتوسط بالشفاعة ولوتتبعت كلام الائمة وسلف الامة وخلفها لوجدت شيأ كثيرا من ذلك بل في الاحاديث الصحيحة كثير من ذلك ومنه ما في صحيح البخارى في مبحث الحشر ووقوف الناس للحساب يوم القيامة بينماهم كذلك استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد صلى الله عليه وسلم فتامل تعبيره صلى الله عليه وسلم بقوله استغاثوا بآدم فان الاستغاثة به مجازية والمستغاث به حقيقة هو الله تعالى وصح عنه صلى الله عليه وسلم لمن أراد عونا أن يقول يا عبادالله أعينونى وفى رواية أغيثونى وجاء في حديث قصة قارون لما خسف به انه استغاث بموسى عليه السلام فلم يغثه بل صار يقول يا أرض خذيه فعاتب الله موسى حيث لم يغثه وقال له استغاث بك فلم تغثه ولو استغاث بى لاغثته فاسناد الاغاثة إلى الله تعالى اسناد حقيقى واسنادها إلى موسى مجازى وقد يكون معنى التوسل به صلى الله عليه وسلم طلب الدعاء منه اذ هو صلى الله عليه وسلم حى في قبره يعلم سؤال من يسأله وقد تقدم حديث بلال بن الحرث رضى الله عنه المذكور فيه أنه جاء إلى قبره صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله استسق لامتك أى ادع الله لهم فعلم منه أنه صلى الله عليه وسلم يطلب منه الدعاء بحصول الحاجات كما كان يطلب منه في حياته لعلمه بسؤال من يسأله مع قدرته على التسبب في حصول ما سئل فيه بسؤاله ودعائه وشفاعته إلى ربه عز وجل وانه صلى الله عليه وسلم يتوسل به في كل خير قبل بروزه لهذا العالم وبعده في حياته وبعد وفاته وكذا في عرصات القيامة فيشفع إلى ربه وكل هذا مما تواترت به الاخبار وقام به الاجماع قبل ظهور المانعين منه فهو صلى الله عليه وسلم له الجاه الوسيع والقدر المنيع عند سيد : ومولاه المنعم عليه بما حباه وأولاه وأما تخيل المانعين المحرومين من بركاته ان منع التوسل والزيارة / صفحة 18 / من المحافظة على التوحيد وان التوسل والزيارة مما يؤدى إلى الشرك فهو تخيل فاسد باطل فالتوسل والزيارة اذا فعل كل منهما مع المحافظة على آداب الشريعة الغراء لا يؤدى إلى محذور البتة والقائل يمنع ذلك سدا للذريعة متقول على الله تعالى وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم وكان هؤلاء المانعين للتوسل والزيارة يعتقدون أنه لايجوز تعظيم النبى صلى الله عليه وسلم فحيثما صدر من أحد تعظيم له صلى الله عليه وسلم حكموا على فاعله بالكفر والاشراك وليس الامر كما يقولون فان الله تعالى عظم النبى صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم باعلى أنواع التعظيم فيجب علينا ان نعظم من عظمه الله تعالى وأمر بتعظيمه نعم يجب علينا أن لا نصفه بشئ من صفات الربوبية ورحم الله الابوصيرى حيث قال دع ما ادعته النصارى في نبيهم * واحكم بما شئت مدحا فيه واحتكم فليس في تعظيمه بغير صفات الربوبية شئ من الكفر والاشراك بل ذلك من أعظم الطاعات والقربات وهكذا كل من عظمهم الله تعالى كالانبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين وكالملائكة والصديقين والشهداء والصالحين قال تعالى ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب وقال تعالى ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه ومن تعظيمه صلى الله عليه وسلم الفرح بليلة ولادته وقرآءة المولد والقيام عند ذكر ولادته صلى الله عليه وسلم واطعام الطعام وغير ذلك مما يعتاد الناس فعله من أنواع البر فان ذلك كله من تعظيمه صلى الله عليه وسلم وقد أفردت مسألة المولد وما يتعلق بها بالتاليف واعتنى بذلك كثير من العلماء فالفوا في ذلك مصنفات مشحونة بالادلة والبراهين فلا حاجة لنا إلى الاطالة بذلك ومما أمر الله بتعظيمه الكعبة المعظمة والحجر الاسود ومقام ابراهيم عليه السلام فانها أحجار وأمرنا الله بتعظيمها بالطواف بالبيت ومس الركن اليمانى وتقبيل الحجر الاسود وبالصلاة خلف المقام وبالوقوف للدعاء عند المستجار وباب الكعبة والملتزم والميزاب كما جرى على ذلك السلف والخلف وكلهم في ذلك لا يعبدون إلا الله ولا يعتقدون تاثيرا لغيره ولا نفعا ولا ضرا لان ذلك لا يكون إلا لله وحده ولا / صفحة 19 / يكون لاحد سواه والحاصل كما تقدم ان هنا امرين احدهما وجوب تعظيم النبى صلى الله عليه وسلم ورفع رتبته عن سائر المخلوقات والثانى افراد الربوبية واعتقاد ان الرب تبارك وتعالى منفرد بذاته وصفاته وافعاله عن جميع خلقه فمن اعتقد في مخلوق مشاركة البارى سبحانه وتعالى في شئ من ذلك فقد أشرك كالمشركين الذين كانوا يعتقدون الالوهية لللاصنام واستحقاقاتها للعبادة ومن قصر بالرسول صلى الله عليه وسلم في شئ عن مرتبته فقد عصى أو كفر أما من بالغ في تعظيمه بانواع التعظيم ولم يصفه بشئ من صفات الربوبية فقد أصاب الحق وحافظ على جانب الربوبية والرسالة جميعا وذلك هو القول الذى لا افراط فيه ولا تفريط واذا وجد في كلام المؤمنين اسناد شئ لغير الله تعالى يجب حمله على المجاز العقلى ولا سبيل إلى تكفير أحد من المؤمنين اذ المجاز العقلى مستعمل في الكتاب والسنة فمن ذلك قوله تعالى واذا تليت عليهم آياته زادتهم ايمانا فاسناد الزيادة إلى الآيات مجاز عقلي وهي سبب عادى للزيادة والذى يزيد في الايمان حقيقة هو الله تعالى وحده لا شريك له وقوله تعالى يوما يجعل الولدان شيبا فاسناد الجعل إلى اليوم مجاز عقلى لان اليوم محل لجعلهم شيبا فالجعل المذكور واقع في اليوم والجاعل حقيقة هو الله تعالى وحده وقوله تعالى ولا يغوث ويعوق ونسرا وقد أضلوا كثيرا فاسناد الاضلال إلى الاصنام مجاز عقلى لانها سبب في حصول الاضلال والهادى والمضل حقيقة هو الله تعالى وحده لا شريك له وقوله تعالى حكاية عن فرعون يا هامان ابن لى صرحا فاسناد البناء إلى هامان مجاز عقلى لانه سبب آمر فهو يأمر بذلك ولايبنى بنفسه والذى يبنى انما هم الفعلة واما الاحاديث النبوية ففيها من المجاز العقلى شئ كثير يعرف ذلك من وقف عليه من ذلك الحديث المتقدم بينماهم كذلك استغاثوا بآدم فاغاثة آدم عليه السلام مجازية والمغيث حقيقة هو الله تعالى واما كلام العرب ففيه من المجاز العقلى مالا يحصى كقولهم نبت الربيع البقل فجعلوا الربيع وهو المطر منبتا والمنبت حقيقة هو الله تعالى فاسناد الانبات إلى الربيع مجاز عقلى فاذا قال العامى من المسلمين نفعنى النبى صلى الله عليه وسلم أو أغاثنى أو نحو ذلك فانما يريد الاسناد / صفحة 20 / المجازى والقرينة على ذلك أنه مسلم موحد لا يعتقد التاثير إلا لله فجعلهم ذلك وامثاله من الشرك جهل محض وتلبيس على عوام الموحدين وقد اتفق العلماء على انه اذا صدر مثل هذا الاسناد من موحد فانه يحمل على المجاز والتوحيد يكفى قرينة لذلك لان الاعتقاد الصحيح هو اعتقاد أهل السنة والجماعة واعتقادهم ان الخالق للعباد وأفعالهم هو الله تعالى لاتاثير لاحد سواه لا لحى ولا لميت فهذا الاعتقاد هو التوحيد المحض بخلاف من اعتقد غير هذا فانه يقع في الاشراك واما الفرق بين الحى والميت كما يفهم من كلام هؤلاء المانعين للتوسل فان كلامهم يفيد انهم يعتقدون ان الحى يقدر على بعض الاشياء دون الميت فكانهم يعتقدون ان العبد يخلق أفعال نفسه فهو مذهب باطل والدليل على ان هذا هو اعتقادهم انهم يقولون اذا نودى الحى وطلب منه ما يقدر عليه فلا ضرر في ذلك وأما الميت فانه لايقدر على شئ أصلا واما أهل السنة فانهم يقولون الحى لا يقدر على شئ كما ان الميت كذلك لا يقدر والقادر حقيقة هو الله تعالى والعبد ليس له إلا الكسب الظاهرى باعتبار الحى والكسب الباطنى باعتبار التبرك بذكر اسم النبى صلى الله عليه وسلم وغيره من الاخيار وتشفعهم في ذلك والخالق للعباد وأفعالهم هو الله وحده لا شريك له وقد تقدم كثير من الدلائل الدالة على صحة التوسل ولا بأس بالحاق ادلة تدل على ذلك زيادة على ما تقدم ذكر العلامة السيد السمهودى في خلاصة الوفاء ان من الادلة الدالة على صحة التوسل بالنبى صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ما رواه الدارمى في صحيحه عن أبى الجوزاء قال قحط أهل المدينة قحطا شديدا فشكوا إلى عائشة رضي الله عنها فقالت انظروا إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجعلوا منه كوة إلى السماء حتى لايكون بينه وبين السماء سقف ففعلوا فمطروا حتى نبت العشب وسمنت الابل حتى تفتقت من الشنحم فسمى عام الفتق قال العلامة المراغى وفتح الكوة عند الجدب سنة أهل المدينة يفتحون كوة في أسفل قبة الحجرة المطهرة وان كان السقف حائلا بين القبر الشريف والسماء قال السيد السمهودى بعد كلام المراغى وسنتهم اليوم فتح الباب المواجه للوجه الشريف ويجتمعون هناك وليس القصد / صفحة 21 / إلا التوسل بالنبى صلى الله عليه وسلم والاستشفاع به إلى ربه لرفعة قدره عند الله وقال أيضا في خلاصة الوفاء ان التوسل والتشفع به صلى الله عليه وسلم وبجاهه وبركته من سنن المرسلين وسيرة السلف الصالحين اه وذكر كثير من علماء المذاهب الاربعة في كتب المناسك عند ذكرهم زيارة النبى صلى الله عليه وسلم انه يسن للزئر ان يستقبل القبر الشريف ويتوسل به إلى الله تعالى في غفران ذنوبه وقضاء حاجاته ويستشفع به صلى الله عليه وسلم قالوا من أحسن ما يقول ما جاء عن العتبى وهو مروي أيضا عن سفيان بن عيينة وكل منهما من مشايخ الامام الشافعى قال العتبى كنت جالسا عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابى فقال السلام عليك يا رسول الله سمعت الله يقول وفى رواية يا خير الرسل ان الله أنزل عليك كتابا صادقا قال فيه ولو أنهم اذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما وقد جئتك مستغفرا من ذنبى مستشفعا بك إلى ربى وفي رواية وانى جئتك مستغفرا ربك عزوجل من ذنوبى ثم بكى وأنشأ يقول يا خير من دفنت بالقاع اعظمه * فطاب من طيبهن القاع والاكم نفسى الفداء لقبر أنت ساكنه * فيه العفاف وفيه الجود والكرم قال العتبى ثم استغفر الاعرابى وانصرف فغلبتنى عيناى فرأيت النبى صلى الله عليه وسلم في النوم فقال يا عتبى الحق الاعرابى فبشره ان الله غفر له فخرجت خلفه فلم أجده وليس محل الاستدلال الرؤيا فانها لا تثبت بها الاحكام لاحتمال حصول الاشتباه على الرائى كما تقدم ذلك وانما محل الاستدلال كون العلماء استحسنوا الاتيان بما تقدم ذكره وذكروا في مناسكهم استحباب الاتيان به للزائر وليس في قولهم وفى رواية كذا وفى رواية كذا منافاة لاحتمال ان الراوى حكى ذلك بالمعنى فمرة عبر بقوله ياخير الرسل ومرة عبر بقوله يا رسول الله وعلى ذلك يحمل أمثال هذا وقال العلامة ابن حجر في الجوهر المنظم وروى بعض الحفاظ عن أبى سعيد السمعانى أنه روى عن على بن أبى طالب رضي الله عنه وكرم وجهه انهم بعد دفنه صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام جاءهم اعرابى فرمى بنفسه على القبر الشريف على / صفحة 22 / صاحبه أفضل الصلاة والسلام وحتى ترابه على رأسه وقال يا رسول الله قلت فسمعنا قولك ووعيت عن الله ما وعينا عنك وكان فيما أنزل الله عليك قوله تعالى ولو أنهم اذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما وقد ظلمت نفسى وجئتك مستغفرا إلى ربى فنودى من القبر الشريف انه قد غفر لك وجاء مثل ذلك عن علي رضي الله عنه من طريق أخرى فهى تؤيد رواية السمعانى ويؤيد ذلك أيضا ما صح عنه صلى الله عليه وسلم من قوله حياتى خير لكم تحدثون واحدث لكم ووفاتى خير لكم تعرض على أعمالكم ما رأيت من خير حمدت الله تعالى وما رأيت من شر استغفرت لكم ويؤيد ذلك أيضا ما ذكره العلماء في آداب الزيارة من أنه يستحب أن يجدد الزائر التوبة في ذلك الموقف الشريف ويسأل الله تعالى أن يجعلها توبة نصوحا ويستشفع به صلى الله عليه وسلم إلى ربه عز وجل في قبولها ويكثر الاستغفار والتضرع بعد تلاوة قوله تعالى ولو أنهم اذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما ويقول نحن وفدك يا رسول الله وزوارك جئناك لقضاء حقك والتبرك بزيارتك والاستشفاع بك مما اثقل ظهورنا واظلم قلوبنا فليس لنا يا رسول الله شفيع غيرك نؤمله ولا رجاء غير بابك نصله فاستغفر لنا واشفع لنا عند ربك واسأله أن يمن علينا بسائر طلباتنا ويحشرنا في زمرة عباده الصالحين والعلماء العاملين وفى الجوهر المنظم أيضا ان اعرابيا وقف على القبر الشريف وقال اللهم ان هذا حبيبك وأنا عبدك والشيطان عدوك فان غفرت لى سر حبيبك وفاز عبدك وغضب عدوك وان لم تغفرلى غضب حبيبك ورضى عدوك وهلك عبدك وأنت يا رب أكرم من ان تغضب حبيبك وترضى عدوك وتهلك عبدك اللهم ان العرب اذا مات فيهم سيد أعتقوا على قبره وان هذا سيد العالمين فاعتقنى على قبره يا أرحم الراحمين فقال له بعض الحاضرين يا أخا العرب ان الله قد غفر لك بحسن هذا السؤال وذكر علماء المناسك أيضا ان استقبال قبره الشريف صلى الله عليه وسلم وقت الزيارة والدعاء أفضل من استقبال القبلة قال العلامة المحقق الكمال بن | ||||||||||||||
| |||||||||||||||
| ![]() |
| رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||||||||||||
|
/ صفحة 23 / الهمام ان استقبال القبر الشريف أفضل من استقبال القبلة واما ما نقل عن الامام أبى حنيفة رضي الله عنه ان استقبال القبلة أفضل فهذا النقل غير صحيح فقد روى الامام أبوحنيفة نفسه في مسنده عن ابن عمر رضى الله عنهما انه قال من السنة استقبال القبر المكرم وجعل الظهر للقبلة وسبق ابن الهمام في النص على ذلك العلامة ابن جماعة فانه نقل استحباب استقبال القبر عن الامام أبى حنيفة رضى الله عنه ورد على الكرمانى في انه يستقبل القبلة فقال انه ليس بشئ ثم قال في الجوهر المنظم ويستدل لاستقبال القبر أيضا بانا متفقون على انه صلى الله عليه وسلم حى في قبره يعلم بزائره وهو صلى الله عليه وسلم لما كان في الدنيا لم يسع زائره إلا استقباله واستدبار القبلة فكذا يكون الامر حين زيارته في قبره الشريف صلى الله عليه وسلم واذا اتفقنا في المدرس من العلماء بالمسجد الحرام المستقبل للقبلة ان الطلبة يستقبلونه ويستدبرون الكعبة فما بالك به صلى الله عليه وسلم فهذا أولى بذلك قطعا وقد تقدم قول الامام مالك للخليفة المنصور ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله بل استقبله واستشفع به قال العلامة الزرقانى في شرح المواهب كتب المالكية طافحة باستحباب الدعاء عند القبر مستقبلا له مستدبرا للقبلة ثم نقل عن مذهب الامام أبى حنيفة والشافعى والجمهور مثل ذلك وأما مذهب الامام أحمد ففيه اختلاف بين علماء مذهبه والراجح عند المحققين منهم استحباب استقبال القبر الشريف كبقية المذاهب وكذا القول في التوسل فان المرجح عند المحققين منهم استحبابه لصحة الاحاديث الدالة على ذلك ليكون المرجح عند الحنابلة موافقا لما عليه أهل المذاهب الثلاثة وقد أطال الامام السبكى في شفاء السقام في نقل نصوص أهل المذاهب الاربعة في ذلك وذكر الشيخ طاهر سنبل في رسالة له في ذلك ان ممن ذكر ذلك من علماء الحنابلة الامام أبا عبدالله السامرى في المستوعب ورفعت فتوى لمفتى الحنابلة بمكة الشيخ محمد بن عبد الله بن حميد في هذه المسألة فاجاب بان الراجح عند الحنابلة استقبال القبر الشريف عند الدعاء واستحباب التوسل قال وذلك مذكور في كثير من / صفحة 24 / كتب المذهب المعتمدة منها شرح مناسك المقنع للامام شمس الدين بن مفلح صاحب الفروع ومنها شرح الاقناع لمحرر المذهب الشيخ منصور البهونى ومنها شرح غاية المنتهى ومنها منسك الشيخ سليمان بن على جد الشيخ محمد بن عبدالوهاب صاحب الدعوة وكثير من المؤلفين في المذهب ذكروا ذلك قال وبعض هؤلاء ذكروا أيضا قصة العتبى المشهورة وانشاد الاعرابى * يا خير من دفنت بالقاع اعظمه إلى آخرها وأما الحديث الذى فيه اللهم انى أسالك وأتوجه اليك إلى آخره فهو حديث أخرجه الترمذى وصححه وأخرجه النسائي والبيهقى أيضا وصححه ثم قال المفتى المذكور اذا تحقق ذلك علمنا ان المعتمد عند الحنابلة هو ما ذكره السائل أعنى استحباب استبقبال القبر عند الدعاء واستحباب التوسل والمنكر لذلك جاهل بمذهب الامام أحمد اه وأما ما ذكره الآلوسى في تفسيره من ان بعضهم نقل عن الامام أبى حنيفة رضى الله عنه انه منع التوسل فهو نقل غير صحيح اذ لم ينقله عن الامام أحد من أهل مذهبه وهم أدرى به بل كتبهم طافحة باستحباب التوسل ونقل المخالف غير معتبر فاياك ان تغتر به وفى المواهب اللدنية للامام القسطلانى وقف أعرابى على قبره الشريف صلى الله عليه وسلم وقال اللهم انك أمرت بعتق العبيد وهذا حبيبك وأنا عبدك فاعتقنى من النار على قبر حبيبك فهتف به هاتف يا هذا تسأل العتق لك وحدك هلا سالت العتق لجميع المؤمنين اذهب فقد اعتقتك ثم أنشد القسطلانى أحد البيتين المشهورين وأنشد شارحه الزرقانى البيت الآخر وهما ان الملوك اذا شابت عبيدهم * في رقهم أعتقوهم عتق أحرار وأنت يا سيدى أولى بذاكرما * قد شبت في الرق فاعتقنى من النار ثم قال في المواهب وعن الحسن البصرى قال وقف حاتم الاصم على قبره صلى الله عليه وسلم فقال يا رب انا زرنا قبر نبيك صلى الله عليه وسلم فلا تردنا خائبين فنودى يا هذا ما أذنا لك في زيارة قبر حبيبنا الا وقد قبلنا فارجع أنت ومن معك من الزوار مغفوا لكم وقال ابن أبى فديك سمعت بعض من أدركت من العلماء والصلحاء يقول بلغنا ان من وقف عند قبر النبى صلى الله عليه / صفحة 25 / وسلم فتلا هذه الآية ان الله وملائكته يصلون على النبى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما وقال صلى الله عليه يا محمد حتى يقولها سبعين مرة ناداء ملك صلى الله عليك يا فلان ولم تسقط له حاجة قال الشيخ زين الدين المراغى وغيره الاولى ان يقول صلى الله عليك يا رسول الله بدل قوله يا محمد للنهى عن ندائه باسمه حيا وميتا وابن ابى فديك من اتباع التابعين وكان من الائمة الثقات المشهورين وهو من المروى عنه في الصحيحين وغيرهما من كتب السنن قال الزرقانى في شرح المواهب اسمه محمد بن اسمعيل بن مسلم الديلمى مات سنة مائتين وهذا الذى نقله من المواهب عن ابن أبى فديك رواه عنه أيضا البيهقى وفى شرح المواهب للزرقانى ان الداعى اذا قال اللهم انى استشفع اليك بنبيك يا نبى الرحمة اشفع لى عند ربك استجيب له فقد اتضح لك من هذه النصوص المروية عن النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلمنى الامة وخلفها ان التوسل به صلى الله عليه وسلم وزيارته وطلب الشفاعة منه ثابتة عنهم قطعا بلا شك ولا مرية وانها من اعظم القربات وان التوسل به واقع قبل خلقه وبعد خلقه في حياته وبعد وفاته وسيكون التوسل به أيضا بعد البعث في عرصات القيامة قال في المواهب ورحم الله ابن جابر حيث قال به قد أجاب الله آدم اذ دعا * ونجى في بطن السفينة نوح وما ضرت النار الخليل لنوره * ومن أجله نال الفداء ذبيح ثم قال وفى كتاب مصباح الظلام في المستغيثين بخير الانام للشيخ ابى عبدالله ابن النعمان ما يشفى الغليل من ذلك ثم ذكر في المواهب كثيرا من البركات التى حصلت له ببركة توسله بالنبى صلى الله عليه وسلم وروى البيهقى عن أنس رضى الله عنه أن أعرابيا جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم يستسقى به وأنشدأ بياتا أولها أتيناك والعذراء يدمى لبانها * وقد شغلت أم الصبى عن الطفل إلى ان قال وليس لنا الا اليك فرارنا * وأنى فرار الخلى الا إلى الرسل فلم ينكر عليه صلى الله عليه وسلم هذا البيت بل قال أنس لما أنشد الاعرابى / صفحة 26 / الابيات قام صلى الله عليه وسلم يجر رداءه حتى رقى المنبر فخطب ودعا لهم فلم يزل يدعو حتى أمطرت السماء وفى صحيح البخارى انه لما جاء الاعرابى وشكى للنبى صلى الله عليه وسلم القحط فدعا الله فانجابت السماء بالمطر قال صلى الله عليه وسلم لو كان أبوطالب حيا لقرت عيناه من ينشدنا قوله فقال على رضى الله عنه يا رسول الله كأنك أردت قوله وأبيض يستسقى لغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للارامل فتهلل وجه النبى رسول الله ولم ينكر انشاد البيت ولا قوله يستقى الغمام بوجهه ولو كان ذلك حراما أو شركا لانكره ولم يطلب انشاده وكان سبب انشاء أبى طالب هذا البيت من جملة قصيدة مدح بها النبى صلى الله عليه وسلم ان قريشا في الجاهلية أصابهم قحط فاستسقى لهم أبوطالب وتوسل بالنبى صلى الله عليه وسلم وكان صغيرا فاغدودق عليهم السحاب بالمطر فانشأ أبوطالب تلك القصيدة وصح عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال أوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام يا عيسى آمن بمحمد ومرمن أدركه من أمتك ان يؤمنوا به ولو لا محمد ما خلقت الجنة والنار ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله فسكن قال في الجوهر المنظم فاذا كان له صلى الله عليه وسلم هذا الفضل والخصوصية أفلا يتوسل به وذكر القسطلاني في شرحه على البخارى عن كعب الاحبار ان بنى اسرائيل كانوا اذا قحطوا استسقوا باهل بيت نبيهم فعلم بذلك ان التوسل مشروع حتى في الامم السابقة وقال السيد السمهودى في خلاصة الوفاء ان العادة جرت ان من توسل عند شخص بمن له قدر عنده يكرمه لاجله ويقضى حاجته وقد يتوجه بمن له جاء لى من هوا على منه واذا جاز التوسل بالاعمال الصالحة كما في صحيح البخارى في حديث الثلاثة الذين أووا إلى غار فاطبق عليهم ذلك الغار فتوسل كل واحد منهم إلى الله تعالى بارجى عمل له فانفرجت الصخرة التى سدت الغار عنهم فالتوسل به صلى الله عليه وسلم أحق وأولى لما فيه من النبوة والفضائل سواء كان ذلك في حياته أو بعد وفاته فالمؤمن اذا توسل به انما يريد بنبوته التى جمعت الكمالات وهؤلاء المانعون للتوسل يقولون / صفحة 27 / يجوز التوسل بالاعمال الصالحة مع كونها اعراضا فالذوات الفاضلة أولى فان عمر رضى الله عنه توسل بالعباس رضى الله عنه وأيضا لوسلمنا ذلك نقول لهم اذا جاز التوسل بالاعمال الصالحة فما المانع من جوازها بالنبى صلى الله عليه وسلم باعتبار ما قام به من النبوة والرسالة والكمالات التى فاقت كل كمال وعظمت على كل عمل صالح في الحال والمآل مع ما ثبت من الاحاديث الدالة على ذلك ومثله سائر الانبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين وكذا الاولياء وعبادالله الصالحين لما فيهم من الطهارة القدسية ومحبة رب البرية وحيازة أعلى مراتب الطاعة واليقين من رب العالمين وذلك سببه كونهم من عبادالله المقربين فيقضى الله سبحانه وتعالى بالتوسل بهم حوائج المؤمنين وينبغى أن يكون ذلك التوسل مع الادب الكامل واجتناب الالفاظ التى توهم التاثير لغير الله تعالى ومن أدلة جواز التوسل قصة سواد بن قارب رضى الله عنه التى رواها الطبرانى في الكبير وفيها أن سواد بن قارب أنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم قصيدته التى فيها لتوسل ولم ينكر عليه ومنها قوله وأشهد أن الله لا رب غيره * وأنك مأمون على كل غائب وأنك أدنى المرسلين وسيلة * إلى الله يا ابن الاكرمين الاطايب فرنا بما يأتيك يا خير مرسل * وان كاان فيما فيه شيب الذوائب وكن لى شفيعا يوم لا ذوشفاعة * بمغن فتيلا عن سواد بن قارب فلم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله أدنى المرسلين وسيلة ولا قوله وكن لى شفيعا وكذا من أدلة التوسل مرثية صفية رضى لله عنها عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فانها رثته بعد وفاته صلى الله عليه وسلم بابيات فيها قولها ألا يا رسول الله أنت رجاؤنا * وكنت بنا بر او لم تك جافيا ففيها النداء بعد وفاته مع قولها وأنت رجاؤنا وسمع تلك المرثية الصحابة رضى الله عنهم فلم ينكر عليها أحد قولها يا رسول الله أنت رجاؤنا قال العلامة ابن حجر في كتابه المسمى بالخيرات الحسان في مناقب الامام أبى حنيفة / صفحة 28 / النعمان في الفصل الخامس والعشرين ان الامام الشافعى أيام هو ببغداد كان يتوسل بالامام أبى حنيفة رضى الله عنه يجئ إلى ضريحه يزور فيسلم عليه ثم يتوسل إلى الله تعالى به في قضاء حاجاته وقد ثبت أيضا أن الامام أحمد توسل بالامام الشافعى رضى الله عنهما حتى تعجب ابنه عبدالله ابن الامام أحمد فقال له الامام أحمد ان الشافعى كالشمس للناس وكالعافية للبدن ولما بلغ الامام الشافعى أن أهل المغرب يتوسلون إلى الله تعالى بالامام مالك لم ينكر عليهم وقال الامام أبوالحسن الشاذلى رضى الله عنه من كانت له إلى الله حاجة وأراد قضاءها فليتوسل إلى الله تعالى بالامام الغزالى وذكر العلامة ابن حجر في كتابه المسمى بالصواعق المحرقة لاخوان الضلال والزندقة أن الامام الشافعى رضى الله عنه توسل باهل البيت النبوى حيث قال آل النبى ذريعتى * وهم اليه وسيلتى أرجوبهم أعطى غدا * بيدى اليمين صحيفتى وذكر العلامة السيد طاهر بن محمد بن هاشم باعلوى في كتابه المسمى مجمع الاحباب في ترجمة الامام أبى عيسى الترمذى صاحب السنن أنه رأى في المنام رب العزة فساله عما يحفظ عليه الايمان حتى يتوفاه عليه قال فقال لى قل بعد صلاة ركعتى الفجر قبل صلاة فرض الصبح الهى بحرمة الحسن وأخيه وجده وبنيه وأمه وأبيه نجنى من الغم الذى آنا فيه ياحى يا قيوم ياذ الجلال والاكرام اسالك أن تحيى قلبى بنور معرفتك يا الله يا الله يا الله يا أرحم الراحمين فكان الامام الترمذى يقول ذلك دائما بعد صلاة سنة الصبح ويأمر أصحابه به وبحثهم على فعله وعلى المواظبة عليه فلو كان التوسل ممنوعا لما فعله هذا الامام ولا أمر بفعله والمواظبة عليه وهو امام حجة يقتدى به بل هذا الامر أعنى التوسل لم ينكره أحد قط من السلف والخلف حتى جاء هؤلاء المنكرون وفى الاذكار للامام النورى ان النبى صلى الله عليه وسلم أمر أن يقول العبد بعد ركعتى الفجر ثلاثا اللهم رب جبريل وميكائيل واسرافيل ومحمد صلى الله عليه وسلم أجرنى من النارقال العلامة ابن علان في شرح الاذكار خص هؤلاء بالذكر للتوسل بهم في قبول الدعاء وإلا فهو سبحانه / صفحة 29 / وتعالى رب جميع المخلوقات فافهم ذلك انه من التوسل المشروع وفي شرح حزب البحر للامام زروق قال بعد ذكر كثير من الاخيار اللهم انا نتوسل اليك بهم فانهم أحبوك وما أحبوك حتى أحببتهم فبحبك إياهم وصلوا إلى حبك ونحن لم نصل إلى حبهم فيك فتمم لنا ذلك مع العافية الكاملة الشاملة حتى نلقاك يا أرحم الراحمين ولبعض العارفين دعاء مشتمل على قوله اللهم رب الكعبة وبانيها وفاطمة وأبيها اوبعلها وبنيها نور بصرى وبصيرتى وسرى وسريرتى قال بعض العارفين وقد جرب هذا الدعاء لتنوير البصر وأن من ذكره عند الاكتحال نور الله بصره وذلك من الاسباب العادية وهى لا تاثير لها والمؤثر هو الله تعالى وحده لا شريك له فكما أن الله تعالى جعل الطعام والشراب سببين للشبع والرى لا تأثير لهما والمؤثر هو الله تعالى وحده وجعل الطاعة سببا للسعادة ونيل الدرجات جعل أيضا التوسل بالاخيار الذين عظمهم الله تعالى وأمر بتعظيمهم سببا لقضاء الحاجات فليس في ذلك كفر ولا إشراك ومن تتبع أذكار السلف والخلف وأدعيتهم وأورادهم وجد فيها شيا كثيرا في التوسل ولم ينكر عليهم أحد في ذلك حتى جاء هؤلاء المنكرون ولو تتبعنا ما وقع من اكابر الامة في التوسل لامتلات بذلك الصحف وفيما ذكر كفاية ومقنع لمن كان بمرأى من التوفيق ومسمع وانما أطلت الكلام في ذلك ليتضيح الامر لمن كان متشككا فيه غاية الاتضاح لان كثيرا من المنكرين للتوسل يلقون إلى كثير من الناس شبهات يستميلونهم بها إلى معتقدهم الباطل فعسى أن يقف على هذه النصوص من أرادالله حفظه من قبول شبهاتهم فلا يلتفت إليها ويقيم عليهم الحجة في ابطالها فعليك باتباع الجمهور والسواد الاعظم وإلا كنت مشاقق الله ورسوله ومتبعا غير سبيل المؤمنين وقد قال تعالى ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بالسواد الاعظم فانما ياكل الذئب من الغنم القاصية وقال صلى الله عليه وسلم من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الاسلام من عنقه وقد ذكر العلامة ابن الجوزى في / صفحة 30 / كتابه المسمى تلبيس ابليس أحاديث كثيرة في التحذير من مفارقة السواد الاعظم منها حديث عبدالله بن عمر رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه خطب في الجابية فقال من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد وحديث عرفجة رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يد الله على الجماعة والشيطان مع من يخالف الجماعة وحديث أسامة بن شريك رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يد الله على الجماعة فاذاشذ الشاذ منهم اختطفته الشياطين كما يختطف الذئب الشاة من الغنم وحديث معاذ بن جبل رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ان الشيطان ذئب الانسان كذئب الغنم ياخذ الشاة الشاذة القاصية والنائية فاياكم والشعاب وعليكم بالجماعة العامة والمسجد وحديث أبى ذر رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال اثنان خير من واحد وثلاثة خير من اثنين وأربعة خير من ثلاثة فعليكم بالجماعة فان الله تعالى لن يجمع أمتى الا على هدى فهؤلاء المنكرون للتوسل والزيارة فارقوا الجماعة والسواد الاعظم وعمدوا إلى آيات كثيرة من آيات القرآن التى نزلت في المشركين فحملوها على المؤمنين الذين تقع منهم الزيارة والتوسل وتوصلوا بذلك إلى تكفير اكثر الامة من العلماء والصلحاء والعباد والزهاد وعوام الخلق وقالوا انهم مثل أولئك المشركين الذين قالوا ما نعبدهم الا ليقربونا إلى لله زلفى وقد علمت أن المشركين اعتقدوا ألوهية غير الله تعالى واستحقاقه العبادة وأما المؤمنون فلم يعتقد أحد منهم ألوهية غير الله واستحقاقه العبادة فكيف يجعلوهم مثل أولئك المشركين سبحانك هذا بهتان عظيم ومما يعتقده هؤلاء المنكرون للزيارة والتوسل منع طلب الشفاعة من النبى صلى الله عليه وسلم ويقولون ان الله تعالى قد قال في كتابه العزيز من ذا الذى يشفع عنده إلا بإذنه وقال تعالى ولا يشفعون إلا لمن ارتضى فالطالب للشفاعة لا يعلم حصول الاذن للنبى صلى الله عليه وسلم في أنه يشفع له فكيف يطلب منه الشفاعة ولا يعلم أنه ممن ارتضى فكيف يطلب الشفاعة | ||||||||||||||
| |||||||||||||||
| ![]() |
| رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||||||||||||
|
/ صفحة 31 / واحتجاجهم هذا مردود وباطل بالاحاديث لصحيحة الصريحة في حصول الاذن للنبى صلى الله عليه وسلم بالشفاعة للمؤمنين وقد صحت الاحاديث بانه صلى الله عليه وسلم يشفع لمن قل بعد الاذان اللهم رب هذه الدعوة التامة إلى آخر الدعاء المشهور ولمن صلى على النبى صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة ولمن زار قبره صلى الله عليه وسلم وجاءت أحاديث كثيرة في أعمال من عملها حلت له الشفاعة ولو ذكرناها لطال الكلام وجاءت أحاديث صريحة في شفاعته لعصاة أمته كقوله صلى الله عليه وسلم شفاعتى لاهل الكبائر من أمتى وذكر كثير من المفسرين في قوله تعالى ولا يشفعون الا لمن ارتضى أن كل من مات مؤمنا كان ممن ارتضى فيدخل في شفاعته صلى الله عليه وسلم فثبت بهذا كله أن الشفاعة ثابتة ومأذون للنبى صلى الله عليه وسلم فيها لكل من مات مؤمنا فالطالب للشفاعة كأنه يتوسل إلى الله تعالى بالنبى صلى الله عليه وسلم أن يحفظ عليه الايمان إلى أن يتوفاه الله عليه فيدخل في شفاعة النبى صلى الله عليه وسلم ويكون من أهلها وهذا كله ظاهر لايخفى الا على من انظمست بصيرته والعياذ بالله تعالى ومما يعتقده هؤلاء المنكرون للزيارة والتوسل منع النداء للميت والجماد ويقولون ان ذلك كفر واشراك وعبادة لغير الله تعالى وهذا أيضا باطل ومردود ولا مستند لهم فيه وشبهتهم التى يتمسكون بها أنهم يزعمون أن النداء دعاء وكل دعاء عبادة بل الدعاء مخ العبادة وحملوا كثيرا من الآيات القرآنية التى نزلت في المشركين على الموحدين الذين يصدر منهم النداء المذكور وهذا تلبيس في الدين توصلوا به إلى تضليل كثير من الموحدين وحاصل الرد عليهم أن النداء قد يسمى دعاء كما في قوله تعالى لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا لكنه لايسمى عبادة فليس كل دعاء عبادة ولو كان كل نداء دعاء وكل دعاء عبادة لشمل ذلك نداء الاحياء والاموات فيكون كل نداء ممنوعا مطلقا سواء كان للاحياء والاموات أم للحيوانات والجمادات وليس الامر كذلك وانما النداء الذى يكون عبادة هو نداء من يعتقد ألوهيته واستحقاقه للعبادة فيرغبون إليه ويخضعون بين يديه فالذى يوقع في الاشراك هو اعتقاد ألوهية / صفحة 32 / غير الله تعالى أو اعتقاد التاثير لغير الله تعالى وأما مجرد النداء لمن لا يعتقدون ألوهيته وتاثيره أو استحقاقه للعبادة فانه ليس عبادة ولو كان ميتا أو غائبا أو جمادا وقد ورد في أحاديث كثيرة نداء الاموات والجمادات فقولهم كل نداء دعاء وكل دعاء عبادة غير صحيح على اطلاقه وعمومه ولو كان الامر كذلك لامتنع نداء الحى والميت فانهما مستويان في أن كلا منهما لا تاثير له في شئ ولا يعتقد أحد من المسلمين ألوهية غير الله تعالى ولا تاثير أحد سوى الله تعالى فان قالوا ان نداء الحى والطلب منه لشئ من الاشياء انما هو لكونه قادرا على فعل ذلك الشئ الذى طلب منه وأما الميت والجماد فانه عاجز ولا قدرة له على فعل شئ من الاشياء فنقول لهم اعتقادكم أن الحى قادر على بعض الاشياء يستلزم اعتقادكم أن العبد يخلق أفعال نفسه الاختيارية وهو اعتقاد فاسد ومذهب باطل فان اعتقاد أهل السنة والجماعة أن الخالق للعباد وافعالهم هو الله وحده لا شريك له والعبد ليس له الا الكسب الظاهرى قال الله تعالى والله خلقكم وما تعملون وقال تعالى الله خالق كل شئ فيستوى الحى والميت والجماد في أن كلا منهم لاخلق له ولا تأثير والمؤثر هو الله تعالى وحده فالذى يقدح في التوحيد هو اعتقاد التأثير لغير الله أو اعتقاد الالوهية واستحقاق العبادة لغير الله وأما مجرد النداء من غير اعتقاد شئ من ذلك فلا ضرر فيه والاحاديث التى ورد فيها النداء للاموات والجمادات من غير اعتقاد الالوهية والتأثير كثيرة منها حديث الاعمى الذى تقدمت روايته عن عثمان بن حنيف رضى الله عنه فإن فيه يا محمد انى أتوجه بك إلى ربك وتقدم أن الصحابة رضى الله عنهم استعملو ذلك الدعاء بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وحديث بلال بن الحرث المتقدم أيضا فان فيه انه جاء إلى قبر النبى صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله استسق لامتك ففيه النداء بعد وفاته صلى الله عليه وسلم والخطاب بالطلب منه ان يستسقى لامته ومن ذلك الاحاديث الواردة في زيارة القبور فإن في كثير منها النداء والخطاب كقوله السلام عليكم يا أهل القبور السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين وانا ان شاء الله بكم لاحقون ففيها نداء وخطاب وهى أحاديث كثيرة لا حاجة إلى الاطالة / صفحة 33 / بذكرها وتقدم ان السلف والخلف من أهل المذاهب الاربعة استحبوا للزائر أن يقول تجاه القبر الشريف يا رسول الله انى جئتك مستغفرا من ذنبى مستشعفا بك إلى ربى وقد جاءت صورة النداء أيضا في التشهد الذى يقرؤه الانسان في كل صلاة حيث يقول السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته وصح عن بلال بن الحرث رضى الله عنه أنه ذبح شاة عام القحط المسمى عام الرمادة فوجدها هزيلة فصار يقول وامحمداه وامحمداه وصح أيضا ان أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم لم قاتلوا مسيلمة الكذاب كان شعارهم وامحمداه وامحمداه وفى الشفاء للقاضى عياض ان عبدالله بن عمر رضى الله عنهما خدلت رجله مرة فقيل له اذكر أحب الناس اليك فقال وامحمداه فانطلقت رجله وجاء الخطاب والنداء للجمادات في أحاديث كثيرة منها انه صلى الله عليه وسلم كأن اذا نزل أرضا قال يا أرض ربى وربك الله فهذا نداء وخطب لجماد ولا كفر ولا اشراك فيه اذ ليس فيه اعتقاد الوهية واستحقاق عبادة ولا اعتقاد تاثير لغير الله تعالى وقد ذكر الفقهاء في آداب السفران المسافر اذا انفلتت دابته بارض ليس بها أنيس فليقل يا عبادالله احبسوا واذا أضل شيأ أو ارادعوه فليقل يا عبادالله اعينونى أو اغيثونى فان لله عبادا لانراهم واستدل الفقهاء على ذلك بما رواه ابن السنى عن عبدالله بن مسعود رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا انفلتت دابة أحدكم بارض فلاه فليناد يا عبادالله احبسوا فان لله عبادا يجيبونه ففيه نداء وطلب نفع أى التسبب في ذلك من عبادالله الذين لم يشاهدهم وفى حديث آخر رواه الطبرانى صلى الله عليه وسلم قال اذا أضل أحدكم شيا أو أرادعونا وهو بارض ليس فيها أنيس فليقل يا عبادالله أعينونى وفى رواية اغيثونى فان لله عبادا لا ترونهم قال العلامة ابن حجر في حاشيته على ايضاح المناسك وهو مجرب كما قاله الراوى للحديث المذكور وروى أبوداود وغيره عن عبدالله بن عمر رضى الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا سافر فاقبل الليل قال يا أرض ربى وربك الله أعوذ بالله من شرك وشر ما فيك وشر ما خلق فيك وشر ما يدب عليك أعوذ / صفحة 34 / بالله من أسد وأسود ومن الحية والعقرب ومن شر ساكن البلد ووالد وما ولد وذكر الفقهاء انه يسن للمسافر الاتيان بهذا الدعاء عند اقبال الليل وفيه النداء والخطاب للجماد وروى الترمذى عن عبدالله بن عمر رضى الله عنهما والدارمى عن طلحة بن عبيدالله رضى الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم كان اذا رأى الهلال قال ربى وربك الله ففيه خطاب للجماد وصح أنه لما توفى صلى الله عليه وسلم أقبل أبوبكر رضى الله عنه حين بلغه الخبر فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبله ثم بكى وقال بابى وأمى طبت حيا وميتا اذكرنا يا محمد عند ربك ولنكن من بالك وفى رواية للامام أحمد فقبل جبهته ثم قال وانبياه ثم قبلها ثانيا وقال واصفياه ثم قبلها ثالثا وقال واخليلاه ففى ذلك نداء وخطاب له صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ولما تحقق عمر رضى الله عنه وفاته صلى الله عليه وسلم بقول أبى بكر رضى الله عنه قال وهو يبكى بابى أنت وأمى يا رسول الله لقد كان لك جذع تخطب الناس عليه فلما كثروا واتخذت منبرا لتسمعهم حن الجذع لفراقك حتى جعلت يدك عليه فسكن فامتك أولى بالحنين عليك حين فارقتهم بابى أنت وامى يا رسول الله لقد بلغ من فضيلتك عند ربك أن جعل طاعتك طاعته فقال من يطع الرسول فقد أطاع الله تعالى بابى أنت وأمى يا رسول الله لقد بلغ من فضيلتك عنده أن بعثك آخر الانبياء وذكرك في أولهم فقال واذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وابرهيم وموسى وعيسى بابى أنت وأمى يا رسول الله لقد بلغ من فضيلتك عنده ان أهل النار يودون ان يكونوا أطاعوك وهم بين أطباقها يعذبون يقولون يا ليتنا أطعنا الله واطعنا الرسولا بابى أنت وأمى يا رسول الله لقد اتبعك في قصر عمرك ما لم يتبع نوح في كبر سنه وطول عمره فانظر إلى هذه الالفاظ التى نطق بها عمر رضى الله عنه فقد تعدد فيها النداء له صلى الله عليه وسلم بعد وفاته وقد رواها كثير من أئمة الحديث وذكرها القاضى عياض في الشفاء والقسطلانى في المواهب والغزالى في الاحيا وابن الحاج في المدخل فيبطل بها وبغيرها من الادلة قول المانعين للنداء مطلقا القائلين ان كل نداء دعاء وكل دعاء عبادة وروى البخارى عن / صفحة 35 / أنس رضى الله عنه ان فاطمة رضى الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت لما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبتاه أجاب ربا دعاء يا أبتاه جنة الفردوس مأواه يا أبتاه إلى جبريل ننعاه وفى رواية إلى جبريل نعاه والنعى هو الاخبار بالموت ففى هذا الحديث أيضا نداؤه صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ورثته عمته صفية بمراث كثيرة قالت في مطلع قصيدة منها ألا يا رسول الله كنت رجاءنا * وكنت بنابر ولم تك جافيا ففى هذا البيت أيضا نداؤه صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ولم ينكر عليها أحد من الصحابة مع حضورهم وسماعهم له ومما جاء من النداء للميت التلقين له بعد الدفن وقد ذكره كثير من الفقهاء واستندوا في ذلك إلى حديث الطبرانى عن أبى امامة رضى الله عنه واعتضد بشواهد كثيرة وصورته ان يقول للميت عند قبره بعد دفنه يا عبدالله ابن أمة الله اذكر العهد الذى خرجت عليه من الدنيا شهادة ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن الجنة حق وأن النار حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبول قل رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا وبالكعبة قبلة وبالمسلمين اخوانا ربى الله لا اله الا هو رب العرش العظيم ففى التلقين الخطاب والنداء للميت فكيف يمنعون النداء مطلقا ومن النداء للميت ما جاء في الحديث المشهور حيث نادى النبى صلى الله عليه وسلم كفار قريش المقتولين يوم بدر بعد القائهم في القليب رواه البخارى واصحاب السنن وذكروا ان النبى صلى الله عليه وسلم جعل يناديهم باسمائهم وأسماء آبائهم ويقول أيسركم انكم أطعتم الله ورسوله فانا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا وأماما جاء من الآثار عن الائمة الاحبار والعلماء الاخيار والاولياء الكبار مما يدل على جواز ذلك النداء والخطاب فشئ كثير تنقضى دون نقله الاعمار ومضى على ذلك القرون والاعصار ولا وقع منهم انكار فكيف يجوز الاقدام على تكفير المسلمين بشئ قام ثبوته بالبراهين وفى الحديث الصحيح من قال لاخيه المسلم يا كافر فقد باء بها أحدهما ان كان كما قال والا رجعت عليه قال العلماء ترك / صفحة 36 / قتل ألف كافر أولى من اراقة دم امرئ مسلم فيجب الاحتياط في ذلك فلا يحكم على أحد من أهل القبلة بالكفر الا بامر واضح قاطع للاسلام ورأيت رسالة للشيخ محمد بن سليمان الكردى المدنى صاحب الحواشى على مختصر بافضل في الفقه على مذهب الامام الشافعى رضى الله عنه قال في تلك الرسالة يخاطب محمد بن عبدالوهاب حين قام بالدعوة وكان محمد بن عبدالوهاب من تلامذة الشيخ محمد بن سليمان المذكور وقرأ عليه بالمدينة المنورة قال في تلك الرسالة يا ابن عبدالوهاب سلام على من اتبع الهدى فانى انصحك لله تعالى أن تكف لسانك عن المسلمين فإن سمعت من شخص أنه يعتقد تاثير ذلك المستغاث به من دون الله تعالى فعرفه الصواب واذكر له الادلة على أنه لا تاثير لغير الله تعالى فان أبى فكفره حينئذ بخصوصه ولا سبيل لك إلى تكفير السواد الاعظم من المسلمين وأنت شاذ عن السواد الاعظم فنسبة الكفرالى من شذ عن السواد الاعظم أقرب لانه اتبع غير سبيل المؤمنين قال تعالى ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصير وانما يأكل الذئب من الغنم القاصية اه والحاصل أن هؤلاء المانعين للزيارة والتوسل قد تجاوزوا الحد فكفروا أكثر الامة واستحلوا دماءهم وأموالهم وجعلوهم مثل المشركين الذين كانوا في زمن النبى صلى الله عليه وسلم وقالوا ان الناس مشركون في توسلهم بالنبى صلى الله عليه وسلم وبغيره من الانبياء والاولياء والصالحين وفى زيارتهم قبره صلى الله عليه وسلم وندائهم له بقولهم يا رسول الله نسألك الشفاعة وحملوا الآيات القرآنية التى نزلت في المشركين على خواص المؤمنين وعوامهم كقوله تعالى فلا تدعوا مع الله أحدا وقوله تعالى ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون واذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين وقوله تعالى ولاتدع مع الله الها آخر فتكون من المعذبين وقوله تعالى له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشئ الا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين الا في ضلال وقوله تعالى / صفحة 37 / والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ان تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير وقوله تعالى قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة ايهم اقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ان عذاب ربك كان محذورا وأمثال هذه الآيات في القرآن كثير كلها حملوا الدعاء فيها على النداء ثم حملوها على المؤمنين الموحدين وقالوا ان من استغاث بالنبى صلى الله عليه وسلم أو بغيره من الانبياء والاولياء والصالحين أوناداه أو سأله الشفاعة فانه يكون مثل هؤلاء المشركين ويكون داخلا في عموم هذه الآيات وانهم مثل المشركين الذين كانوا يقولون ما نعبدهم الا ليقربونا إلى الله زلفى فان المشركين ما اعتقدوا في لاصنام التأثير وانها تخلق شيأ بل كانوا يعتقدون ان الخالق هو الله تعالى بدليل قوله تعالى ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله ولئن سالتهم من خلق السموات والارض ليقولن خلقهن العزيز العليم فما حكم الله عليهم بالكفر والاشراك الا لقولهم ليقربونا إلى الله زلفى فهؤلاء مثلهم وقالوا ان التوحيد نوعان توحيد الربوبية وهو الذى أقر به المشركون وتوحيد الالوهية وهو الذى أقر به الموحدون وهو الذي يدخلك في دين الاسلام واما توحيد الربوبية فلايكفى وكلامهم كله باطل لان الدعاء الذى في الآيات بمعنى العبادة وهم لبسوا على الخلق وجعلوه بمعنى النداء وقد علمت بطلانه من النصوص السابقة واما جعلهم التوحيد نوعين توحيد الربوبية وتوحيد الالوهية فباطل أيضا فان توحيد الربوبية هو توحيد الالوهية الا ترى إلى قوله تعالى ألست بربكم قالوا بلى ولم يقل الست بالهكم فاكتفى منهم بتوحيد الربوبية ومن المعلوم ان من أقر لك بالربوبية فقد أقر له بالالوهية اذ ليس الرب غير الاله بل هو الاله بعينه وفى الحديث ان الملكين يسالان العبد في قبره فيقولان له من ربك ولم يقولا له من الهك فدل على أن توحيد الربوبية هو توحيد الالوهية ومن العجب ان هؤلاء القوم ياتيهم المسلم فيقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فيقولون له أنت لم تعرف التوحيد وتوحيدك هذاتوحيد / صفحة 38 / الربوبية وما عرفت توحيد الالوهية فيستحلون دمه وماله بالتلبيسات الباطلة وهل للكافر توحيد صحيح فانه لو كان للكافر توحيد صحيح لاخرجه من النار اذ لا يبقى فيها موحد فهل سمعتم أيها المسلمون في الاحاديث والسير ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا قدمت عليه اجلاف العرب ليسلموا على يده يفصل لهم توحيد الربوبية والالوهية ويخبرهم أن توحيد الالوهية هو الذى يدخلهم في دين الاسلام أو يكتفى منهم بمجرد الشهادتين وظاهر اللفظ ويحكم باسلامهم فما هذا الافتراء والزور على الله ورسوله فان من وحد الرب فقد وحد الاله ومن أشرك بالرب أشرك بالاله فليس للمسلمين إله غير الرب فاذا قالوا لا اله إلا الله انما يعتقدون انه هو ربهم فينفون الالوهية عن غيره كما ينفون الربوبية عن غيره أيضا ويثبتون له الوحدانية في ذاته وصفاته وأفعاله والذى أوقع المشركين في الشرك والكفر ليس مجرد قولهم ما نعبدهم الا ليقربونا إلى الله زلفى كما زعم هذا القائل بل اعتقادهم ان غير الله قد يكون الها يستحق العبادة وان كانوا يعتقدون ان الخالق والمؤثر هو الله تعالى فلما اعتقدوا ألوهية غير الله واستحقاقه العبادة وأقيمت عليهم الحجة بانهم لا يملكون لكم ضرا ولانفعا ولا يخلقون وهم يخلقون قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى فاعتقاد الالوهية واستحقاق العبادة لغيره هو الذى أوقعهم في الشرك ولم ينفعهم اعتقادهم ان الخالق والمؤثر هو الله مع وجود اعتقادهم الوهية غير الله واستحقاقه العبادة واما المسلمون فانهم لله الحمد بريئون من ذلك اذ لا يعتقدون شيأ يستحق الالوهية والعبادة غير الله فهذا هو الفرق بين الحالين واما هؤلاء الجاهلون المكفرون للمسلمين فانهم لما لم يعرفو الفرق بين الحالتين تخبطوا وقالوا ان التوحيد نوعان توحيد الربوبية وتوحيد لالوهية وتوصلوا بذلك إلى تكفير المسلمين فتامل فيما تقدم من النصوص يتضح لك الحال ان شاء الله تعالى وتعلم ان ما عليه السواد الاعظم هو الحق الذى لا محيص عنه ومما يعتقده هؤلاء الملحدة المكفرة للمسلمين ان قصد الصالحين والاعتقاد فيهم والتبرك بهم شرك أكبر وهذا أيضا باطل فان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر صاحبيه عمر بن الخطاب وعلى بن أبى طالب رضى | ||||||||||||||
| |||||||||||||||
| ![]() |
| رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||||||||||||
|
/ صفحة 39 / عنك الحج ويسمعون من اتبعهم من الخارج المهاجرين ومن كان من أهل بلدتهمالله عنهما ان يقصدا أو يسا القرني ويسألاه الدعاء والاستغفار كما في صحيح مسلم وأما التبرك بآثار الصالحين فقد كان الصحابة رضى الله عنهم يزدحمون على ماء وضوئه يتبركون به واذا تنخم أو بصق ياخذون ذلك ويتمسحون به وازدحموا على الحلاق عند حلق رأسه صلى الله عليه وسلم واقتسموا شعره يتبركون به وشرب عبدالله بن الزبير دمه صلى الله عليه وسلم لما احتجم وشربت ام ايمن بوله فقال لها صحة يا أم أيمن وكل ذلك ثابت في الاحاديث الصحيحة ولاينكر ذلك إلا جاهل او معاند بل ثبت انه صلى الله عليه وسلم جاء سقاية العباس رضى الله عنه ليشرب من ماء السقاية فامر العباس ابنه عبدالله أن يأتى للنبى صلى الله عليه وسلم بماء آخر من الدار غير مايشرب منه المسلمون لانه استقذره وقال يا رسول الله هذاتمسه الايدى ناتيك بماء غيره فقال لا انما أريد بركة المسلمين وما مسته أيديهم فاذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك فما بالك بغيره فكل مسلم له نور وبركة ولا نعتقد التاثير لغير الله تعالى فطلب بركة الصالحين بالتماس آثارهم ليس فيه شئ من الاشراك ولا الحرمة وانما هؤلاء القوم يلبسون على المسلمين توصلا إلى اغراضهم فلا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم فلا يعتقدون موحدا الا من تبعهم فيما يقولون فصار الموحدون على زعمهم اقل من كل قليل كان محمد بن عبدالوهاب الذى ابتدع هذه البدعة يخطب للجمعة في مسجد الدرعية ويقول في كل خطبة ومن توسل بالنبى فقد كفر وكان أخوه الشيخ سليمان بن عبدالوهاب من أهل العلم فكان ينكر عليه انكارا شديد في كل ما يفعله أو يأمر به ولم يتبعه في شئ مما بتدعه وقال له اخوه سليمان يوما كم اركان الاسلام يا محمد بن عبدالوهاب فقال خمسة فقال أنت جعلتها ستة السادس من لم يتبعك فليس بمسلم هذا عندك ركن سادس للاسلام وقال رجل آخر يوما لمحمد بن عبدالوهاب كم يعتق الله كل ليلة في رمضان فقال له يعتق في كل ليلة مائة ألف وفي آخر ليلة يعتق مثل ما أعتق في الشهر كله فقال له لم يبلغ من اتبعك عشر عشر ما ذكرت فمن هؤلاء المسلمون الذين يعتقهم الله تعالى وقد حصرت المسلمين فيك وفيمن / صفحة 40 / اتبعك فبهت الذى كفر ولم طال النزاع بينه وبين أخيه خاف أخوه ان يأمر بقتله فارتحل إلى المدينة المنورة وألف رسالة في الرد عليه وارسلها له فلم ينته وألف كثير من علماء الحنابلة وغيرهم رسائل في الرد عليه وأرسلوها له فلم ينته وقال له رجل آخر مرة وكان رئيسا على قبيلة بحيث انه لا يقدر ان يسطو عليه ما تقول اذا أخبرك رجل صادق ذو دين وامانة وأنت تعرف صدقه بان قوما كثيرين قصدوك وهم وراء الجبل الفلانى فارسلت الف خيال ينظرون القوم الذين وراء الجبل فلم يجدوا اثرا ولا أحدا منهم بل ما جاء تلك الارض أحد منهم اتصدق الالف أم الواحد الصادق عندك فقال أصدق الالف فقال له ان جميع المسلمين من العلماء الاحياء والاموات في كتبهم يكذبون ما أتيت به ويزيفونه فنصدقهم ونكذبك فلم يعرف جوابا لذلك وقال له رجل آخر مرة هذا الدين الذى جئت به متصل أم منفصل فقال له حتى مشايخى ومشايخهم التى ستمائة سنة كلهم مشركون فقال له الرجل اذن دينك منفصل لا متصل فعمن اخذته فقال وحى الهام كالخضر فقال له اذن ليس ذلك محصورا فيك كل أحد يمكنه ان يدعى وحى الالهام الذى تدعيه ثم قال له ان التوسل مجمع عليه عند أهل السنة حتى ابن تيمية فانه ذكر فيه وجهين ولم يذكر ان فاعله يكفر بل حتى الرافضة والخوارج وكافة المبتدعة يقولون بصحة التوسل به صلى الله عليه وسلم فلا وجه لك في التكفير اصلا فقال له محمد بن عبدالوهاب ان عمر استسقى بالعباس فلم لم يستسق بالنبى صلى الله عليه وسلم ومقصد محمد بن عبدالوهاب بذلك ان العباس كان حيا وان النبى صلى الله عليه وسلم ميت فلا يستسقى به فقال له ذلك الرجل هذا حجة عليك فان استسقاء عمر بالعباس انما كان لاعلام الناس بصحة الاستسقاء والتوسل بغير النبى صلى الله عليه وسلم وكيف تحتج باستسقاء عمر بالعباس وعمر هوالذى روى حديث توسل آدم بالنبى صلى الله عليه وسلم قبل أن يخلق فالتوسل بالنبى صلى الله عليه وسلم كان معلوما عند عمر وغيره وانما أراد عمر أن يبين للناس ويعلمهم صحة التوسل بغير النبى صلى الله عليه وسلم فبهت وتحير وبقى على عماوته ومقابحه الشنيعة ومن / صفحة 41 / مقابحه انه لما منع الناس من زياة النبى صلى الله عليه وسلم خرج ناس من الاحساء وزاروا النبى صلى الله عليه وسلم وبلغه خبرهم فلما رجعوا مروا عليه بالدرعية فامر بحلق لحاهم ثم أركبهم مقلوبين من الدرعية إلى الاحسا وبلغه مرة ان جماعه من الذين لم يتابعوه من الآفاق العبيدة قصدوا الزيارة والحج وعبروا على الدرعية فسمعه بعضهم يقول لمن اتبعه خلوا المشركين يسيرون طريق المدينة والمسلمين يعنى اتباعه يخلفون معنا وكان ينهى عن الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم ويتأذى من سماعها وينهى عن الاتيان بها ليلة الجمعة وعن الجهر بها على المنائر ويؤذى من يفعل ذلك ويعاقبه اشد العقاب حتى انه قتل رجلا أعمى كان مؤذنا صالحا ذا صوت حسن نهاه عن الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم في المنارة بعد الاذان فلم ينته واتى بالصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم فامر بقتله فقتل ثم قال ان الريابة في بيت الخاطئة يعنى الزانية أقل اثما ممن ينادى بالصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم في المنائر ويلبس على أصحابه بان ذلك كله محافظة على التوحيد فماأفظع قوله وما أشنع فعله وأحرق دلائل الخيرات وغيرها من كتب الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم ويتستر بقوله ان ذلك بدعة وانه يريد المحافظة على التوحيد وكان يمنع اتباعه من مطالعة كتب الفقه والتفسير والحديث وأحرق كثيرا منها واذن لكل من اتبعه أن يفسر القرآن بحسب فهمه حتى همج الهمج من اتباعه فكان كل واحد منهم يفعل ذلك ولو كان لا يحفظ القرآن ولا شيا منه فيقول الذى لا يقرأ منهم لآخر يقرأ اقرأ على حتى أفسر لك فاذا قرأ عليه يفسر له برأيه وأمرهم أن يعملوا ويحكموا بما يفهمونه وجعل ذلك مقدما على كتب العلم ونصوص العلماء وكان يقول في كثير من أقوال الائمة الاربعة ليست بشئ وتارة يتستر ويقول ان الائمة على حق ويقدح في أتباعهم من العلماء الذين ألفوا في المذاهب الاربعة وحرروها ويقول انهم ضلوا وأضلوا وتارة يقول ان الشريعة واحدة فما لهؤلاء جعلوها مذاهب أربعة هذا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لا نعمل إلا بهما ولا نقتدى بقول مصرى وشامى وهندى يعنى بذلك اكابر علماء الحنابلة وغيرهم ممن لهم تاليف في الرد / صفحة 42 / عليه فكان ضابط الحق عنده ما وافق هواه وان خالف النصوص الشرعية واجماع الامة وضابط الباطل عنده ما لم يوافق هواه وان كان على نص جلى أجمعت عليه الامة وكان ينتقص االنبى صلى الله عليه وسلم كثيرا بعبارات مختلفة ويزعم ان قصده المحافظة على التوحيد فمنها ان يقول انه طارش وهو في لغة أهل المشرق بمعنى الشخص المرسل من قوم إلى آخرين فمراده انه صلى الله عليه وسلم حامل كتب أى غاية أمره انه كالطارش الذى يرسله الامير أو غيره في أمر لاناس ليبلغهم اياه ثم ينصرف ومنها انه كان يقول نظرت في قصة الحديبية فوجدت بها كذا كذا كذبة إلى غير ذلك مما يشبه هذا حتى ان اتباعه كانوا يفعلون مثل ذلك أيضا ويقولون مثل قوله بل أقبح مما يقول ويخبرونه بذلك فيظهر الرضا وربما انهم قالوا ذلك بحضرته فيرضى به حتى ان بعض اتباعه كان يقول عصاى هذه خير من محمد لانها ينتفع بها في قتل الحية ونحوها ومحمد قد مات ولم يبق فيه نفع أصلا وانما هو طارش وقد مضى قال بعض من ألف في الرد عليه ان ذلك كفر في المذاهب الاربعة بل هو كفر عند جميع أهل الاسلام وكان محمد بن عبدالوهاب في مبتدأ امره يطلب العلم بالمدينة وأصله من بنى تميم وكان من طلبة العلم بالمدينة يتردد بينها وبين مكة فاخذ عن كثير من علماء المدينة منهم الشيخ محمد بن سليمان الكردى الشافعى والشيخ محمد حياة السندى الحنفى وكان الشيخان المذكوران وغيرهما من أشياخه يتفرسون فيه الالحاد والضلال ويقولون سيضل هذا ويضل الله به من أبعده وأشقاه فكان الامر كذلك وما أخطأت فراستهم فيه وكان والده عبدالوهاب من العلماء الصالحين فكان أيضا يتفرس في ولده المذكور الالحاد ويذمه كثيرا ويحذر الناس منه وكذا أخوه سليمان بن عبدالوهاب فكان ينكر ما أحدثه من البدع والضلال والعقائد الزائغة وتقدم انه ألف كتابا في الرد عليه وكانت ولادة محمد ابن عبدالوهاب سنه 1111 ألف ومائة وأحد عشر وعاش عمرا طويلا حتى بلغ عمره اثنين وتسعين سنة فانه توفى سنة 1206 ألف ومائتين وستة ولما أراد اظهار ما زينه له الشيطان من البدعة والضلالة انتقل من المدينة / صفحة 43 / ورحل إلى الشرق وصار يدعو الناس إلى التوحيد وترك الشرك ويزخرف لهم القول ويفهمهم ان ما عليه الناس كله شرك وضلال ويظهر لهم عقيدته شيأ فشيأ فتبعه كثير من غوغاء الناس وعوام البوادى وكان ابتداء ظهور أمره في الشرق سنة 1143 ألف ومائة وثلاثة وأربعين واشتهر أمره بعد الخمسين وألف ومائة بنجد وقراها فتبعه وقام بنصرته أمير الدرعية محمد بن سعود وجعل ذلك وسيلة إلى اتساع ملكه ونفاذ أمره فحمل أهل الدرعية على متابعة محمد بن عبدالوهاب فيما يقول فتبعه أهل الدرعية وما حولها وما زال يطيعه على ذلك كثير من أحياء العرب حى بعد حى وقبيلة بعد قبيلة حتى قوى أمره فخافته البادية فكان يقول لهم انما أدعوكم إلى التوحيد وترك الشرك بالله ويزين لهم القول وهم بوادى في غاية الجهل لا يعرفون شيأ من أمور الدين فاستحسنوا ما جاءهم به وكان يقول لهم انى أدعوكم إلى الدين وجميع ما هو تحت السبع الطباق مشرك على الاطلاق ومن قتل مشركا فله الجنة فتابعوه وصارت نفوسهم بهذا القول مطمئنة فكان محمد بن عبد الوهاب بينهم كالنبى في أمته لا يتركون شيأ مما يقول ولا يفعلون شيأ الا بامره ويعظمونه غاية التعظيم واذا قتلوا انسانا أخذوا ماله وأعطوا الامير محمد بن سعود منه الخمس واقتسموا الباقى وكانوا يمشون معه حيثما مشى وياتمرون له بما شاء والامير محمد بن سعود ينفذ كل ما يقول حتى اتسع له الملك وكانوا قبل اتساع ملكهم وتطاير شررهم أرادوا الحج في دولة الشريف مسعود بن سعيد بن سعد بن زيد وكانت ولاية الشريف مسعود امارة مكة سنة 1146 ستة وأربعين ومائة وألف ووفاته سنة 1165 خمسة وستين ومائة وألف فارسلوا يسأذنونه في الحج وغاية مرادهم اظهار عقيدتهم وحمل أهل الحرمين عليها فارسلوا قبل ذلك ثلاثين من علمائهم ظنا منهم انهم يفسدون عقائد أهل الحرمين ويدخلون عليهم الكذب والمين وطلبوا الاذن في الحج ولو بشئ مقرر عليهم كل عام يدفعونه وكان أهل الحرمين قد سمعوا بظهورهم في نجد وافسادهم عقائد البوادى ولم يعرفوا حقيقة ذلك فلما وصل علماؤهم مكة أمر الشريف مسعود ان يناظر علماء الحرمين العلماء الذين بعثوهم فناظروهم / صفحة 44 / فوجدوهم ضحكة ومسخرة كحمر مستنفرة فرت من قسورة ونظروا إلى عقائدهم فاذا هى مشتملة على كثير من المكفرات فبعد ان أقاموا عليهم الحجة والبرهان أمر الشريف مسعود قاضى الشرع ان يكتب حجة بكفرهم الظاهر ليعلم به الاول والآخر وأمر بسجن اولئك الملحده الانذال ووضعهم في السلاسل والاغلال فقبض منهم جماعة وسجنهم وفر الباقون ووصلوا إلى الدرعية وأخبروا بما شاهدوا فعتا أميرهم واستكبر ونأي عن هذا المقصد وتاخر إلى ان مضت دولة الشريف مسعود وتوفى سنة 1165 خمس وستين ومائة وألف وولى امارة مكة أخوه الشريف مساعد بن سعيد فارسلوا أيضا يستأذنونه في الحج فابى وامتنع من الاذن لهم فضعفت عن الوصول مطامهم فلما مضت دولة الشريف مساعد وتوفى سنة 1184 أربع وثمانين ومائة وألف وولى امارة مكة أخوه الشريف أحمد بن سعيد أرسل أمير الدرعية جماعة من علمائهم فأمر العلماء ان يختبروهم فاختبروهم فوجدوهم لايتدينون الا بدين الزنادقة فابى أن ياذن لهم في الحج ثم انتزع امارة مكة منه ابن أخيه الشريف سرور بن مساعد سنة 1186 ست وثمانين ومائة وألف فارسلوا في مدة الشريف سرور يستاذنون في الحج فاجابهم بانكم ان أردتم الوصول آخذ منكم في كل سنة مثل ما آخذ من الرافضة والاعجام وزيادة على ذلك مائة من الخيل الجياد فعظم عليهم دفع ذلك وان يكونوا مثل الرافضة فلما توفى الشريف سرور سنة 1202 ألف ومائتين واثنين وولى امارة مكة أخوه الشريف غالب أرسلوا أيضا يستاذنون في الحج فمنعهم وتهددهم بالركوب عليهم وجهز عليهم جيشا في سنة 1205 ألف ومائتين وخمسة وتتابع بينه وبينهم القتال والحرب من سنة 1205 ألف ومائتين وخمسة إلى سنة 1220 ألف ومائتين وعشرين حتى دخلوا مكة بعد ان عجز عن دفعهم ووقع بينه وبينهم وقعات كثيرة قبل دخولهم مكة يطول الكلام بذكرها وكانوا في هذه المدة اتسع ملكهم وتطاير شررهم فملكوا جزيرة العرب فملكوا أولا المشرق ثم اقليم الاحسا والبحرين وعمان ومسكت وقرب ملكهم من بغداد والبصرة وملكوا الحرار باسرها ثم الخيوف ذوات / صفحة 45 / النخل ثم الحربية والفرع وجهينة ثم ملكوا ما بين مدينة النبى صلى الله عليه وسلم والشام حتى قرب ملكهم من الشام وحلب وملكوا العرب الذين بين الشام وحلب وبغداد وملكوا المدينة ومكة وقبل أن يملكوا مكة ملكوا القبائل التى حولها والطائف والقبائل التى حولها ولما ملكوا الطائف في ذى القعدة ه سنة 1217 ألف ومائتين وسبعة عشر قتلوا الكبير والصغير والمأمور والآمر ولم ينج إلا من طال عمره وكانوا يذبحون الصغير على صدر أمه ونهبوا الاموال وسبوا النساء وفعلوا أشياء يطول الكلام بذكرها ثم قصدوا مكة في المحرم في سنة 1218 ألف ومائتين وثمانية عشر ولم يكن للشريف طاقة لقتالهم فترك لهم مكة ونزل إلى جدة فخرج ناس من أهل مكة اليهم قبل دخولهم بمرحلتين وأخذوا منهم الامان لاهل مكة فدخلوها بالامان ثم توجهوا إلى جدة لقتال الشريف غالب فقاتلهم وأطلق عليهم المدافع فلم يستطيعوا دخول جدة فارتحلوا إلى ديارهم في شهر صفر من سنة 1218 ألف ومائتين وثمانية عشر وأبقوا بمكة من يقوم بحفظها من جماعتهم وفى شهر ربيع الاول من السنة المذكورة رجع الشريف غالب من جدة ومعه الباشا صاحب جدة وكثير من العساكر وأخرج من كان بمكة من جماعتهم واستولى على مكة كما كان ثم تتابع بينه وبينهم الحرب والغزوات إلى سنة 1220 عشرين ومائتين وألف فتغلبوا وملكوا جميع الاطراف وحاصروا مكه حتى اشتد البلاء وعم الغلاء واكل الناس الكلاب والجيف ثم عقد الشريف غالب معهم الصلح فدخلوا مكة بالصلح واستمر ملكهم بها إلى سنة سبع وعشرين ومائتين وألف فامر مولانا السلطان محمود الوزير المعظم والمشير المفخم بمصر محمد على باشا فجهز عليهم الجيوش حتى أخرجهم من الحرمين ثم بعث الجيوش إلى قتالهم في ديارهم وسار مع بعض الجيوش بنفسه حتى استأصلهم وقطع دابرهم وأرخ بعض العلماء تاريخ خروجهم من مكة بقوله قطع دابر الخوارج سنة 1227 والكلام على وقائعهم وما فعلوه بالمسلمين يطول فلا حاجة لذكره وكان الامير الاول محمد بن سعود فلما مات قام اولاده بعده بما قام به ولما مات محمد / صفحة 46 / ابن عبدالوهاب قام أولاده أيضا بما قام به وكان الامير محمد بن سعود وأولاده اذا ملكوا قبيلة سلطوها على من دنا واقترب منها ويسلط الاخرى على ما بعدها حتى ملك جميع القبائل واذا أراد أن يغزو بلدة من البلدان كتب لكل قبيلة يريد مسيرها معه كتابا بقدر الخنصر يطلب منهم الحضور فيأتون اليه ومعهم جميع ما يحتاجون اليه من زاد وغيره ولا يكلفونه بشئ وليس له عسكر ولا جند ولا ديوان يحصيهم واذا انتهبوا شيأ يأخذون الاربعة الاخماس ويعطونه الخمس ويسيرون معه أينما يسير ألوفا مؤلفة لايحصيهم الا الله تعالى ولا يستطيعون مخالفته في نقير ولا قطمير وهذه بلية ابتلى الله بها عباده وهى فتنة من أعظم الفتن التى ظهرت في الاسلام طاشت من بلاياها العقول وحار فيها أرباب العقول لبسوا فيها على الاغبياء ببعض الاشياء التى توهمهم انهم قائمون بأمرالدين وذلك مثل أمرهم البوادى باقامة الصلوات والمحافظة على الجمعة والجماعات ومنعهم من الفواحش الظاهرة كالزنا واللواط وقطع الطريق فامنوا الطرقات وصاروا يدعون الناس إلى التوحيد فصار الاغبياء الجاهلون يستحسنون حالهم ويغفلون ويذهلون عن تكفيرهم المسلمين فانهم كانوا يحكمون على الناس بالكفر من منذ ستمائة سنة وغفلوا أيضا عن استباحتهم أموال الناس ودماءهم وانتهاكهم حرمة النبى صلى الله عليه وسلم بارتكابهم أنواع التحقير له ولمن أحبه وغير ذلك من مقابحهم التى ابتدعوها وكفروا الامة بها وكانوا اذا أراد أحد أن يتبعهم على دينهم طوعا أو كرها يامرونه بالاتيان بالشهادتين أولا ثم يقولون له اشهد على نفسك انك كنت كافرا واشهد على والديك انهما ماتا كافرين واشهد على فلان وفلان انه كان كافرا ويسمون له جماعة من أكابر العلماء الماضين فان شهدوا بذلك قبلوهم وإلا امروا بقتلهم وكانوا يصرحون بتكفير الامة من منذ ستمائة سنة وأول من صرح بذلك محمد بن عبد الوهاب فتبعوه على ذلك واذا دخل انسان في دينهم وكان قد حج حجة الاسلام قبل ذلك يقولون له حج ثانيا فان حجتك الاولى فعلتها وأنت مشركا فلا تسقط | ||||||||||||||
| |||||||||||||||
| ![]() |
| رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||||||||||||
|
/ صفحة 47 / يسمونهم الانصار والظاهر من حال محمد بن عبدالوهاب انه يدعى النبوة إلا انه ما قدر على اظهار التصريح بذلك وكان في أول أمره مولعا بمطالعة أخبار من ادعى النبوة كاذبا كمسيلمة الكذاب وسجاح والاسود العنسى وطليحة الاسدى واضرابهم فكانه يضمر في نفسه دعوى النبوة ولو امكنه اظهار هذه الدعوة لاظهرها وكان يقول لاتباعه انى أتيتكم بدين جديد ويظهر ذلك من أقواله وأفعاله ولهذا كان يطعن في مذاهب الائمة وأقوال العلماء ولم يقبل من دين نبينا صلى الله عليه وسلم الا القرآن ويؤوله على حسب مراده مع انه انما قبله ظاهرا فقط لئلا يعلم الناس حقيقة أمره فينكشفوا عنه بدليل انه هو وأتباعه انما يؤولونه على حسب ما يوافق أهواءهم لا بحسب ما فسره به النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح وأئمة التفسير فانه كان لا يقول بذلك ولا يقول بما عدا القرآن من أحاديث النبى صلى الله عليه وسلم وأقاويل الصحابة والتابعين والائمة المجتهدين ولا بما استنبطه الائمة من القرآن والحديث ولا ياخذ بالاجماع ولا بالقياس الصحيح وكان يدعى الانتساب إلى مذهب الامام أحمد رضى الله عنه كذبا وتستراو زورا والامام أحمد برئ منه ولذلك انتدب كثير من علماء الحنابلة المعاصرين له للرد عليه وألفوا في الرد عليه رسائل كثيرة حتى أخوه الشيخ سليمان بن عبدالوهاب الف رسالة في الرد عليه كما تقدم وتمسك في تكفير المسلمين بآيات نزلت في المشركين فحملها على الموحدين وقد روى البخارى عن عبدالله بن عمر رضى الله عنهما في وصف الخوارج انهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها في المؤمنين وفى رواية أخرى عن ابن عمر عند غير البخارى انه صلى الله عليه وسلم قال أخوف ما أخاف على أمتى رجل متاول للقرآن يضعه في غير موضعه فهذا وما قبله صادق على ابن عبدالوهاب ومن تبعه وأعجب من ذلك كله انه كان يكتب إلى عماله الذين هم من أجل الجاهلين اجتهدوا بحسب فهمكم وانظروا واحكموا بما ترونه مناسبا لهذا الدين ولا تلتفتوا لهذه الكتب فان فيها الحق والباطل وقتل كثيرا من العلماء والصالحين وعوام المسلمين لكونهم لم يفوافقوه على ما ابتدعه وكان يقسم الزكاة على / صفحة 48 / ما يأمره به شيطانه وهواه وكان أصحابه لايتخذون مذهبا من المذاهب بل يجتهدون كما أمرهم ويتسترون ظاهرا بمذهب الامام أحمد ويلبسون بذلك على العامة وكان ينهى عن الدعاء بعد الصلاة ويقول ان ذلك بدعة وانكم تطلبون بذلك أجرا وقد اعتنى كثير من العلماء من أهل المذاهب الاربعة للرد عليه في كتب مبسوطة عملا بقول النبى صلى الله عليه وسلم اذا ظهرت البدع وسكت العالم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين وبقوله صلى الله عليه وسلم ما ظهر أهل بدعة إلا أظهر الله فيهم حجته على لسان من شاء من خلقه فلذلك انتدب للرد عليه علماء المشرق والمغرب من جميع المذاهب والتزم بعضهم في الرد عليه باقوال الامام أحمد وأهل مذهبه وسألوه عن مسائل يعرفها أقل طلبة العلم فلم يقدر على الجواب عنها لانه لم يكن له تمكن في العلوم وانما عرف هذه النزغات التى زينها له الشيطان فمن ألف في الرد عليه وسأله عن بعض المسائل فعجز العلامة الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن عفالق فانه ألف كتابا جليلا سماه تهكم المقلدين بمن ادعى تجديد الدين ورد عليه في كل مسألة من المسائل التى ابتدعها بابلغ الرد ثم ساله عن أشياء تتعلق بالعلوم الشرعية والادبية بسؤالات أجنبية عن الرسالة كتبها وأرسلها له فعجز عن الجواب عن أقلها فضلا عن أجلها فمن جملة ما سأله عنه قوله أسالك عن قوله تعالى والعاديات ضبحا إلى آخر السورة التى هى من قصار المفصل كم فيها من حقيقة شرعية وحقيقة لغوية وحقيقة عرفية وكم فيه من مجاز مرسل ومجاز مركب واستعارة حقيقية واستعارة وفاقية واستعارة تبعية واستعارة مطلقة واستعارة مجردة واستعارة مرشحة وأين الوضع والترشيح والتجريد والاستعاة بالكناية والاستعارة التخييلية وكم فيها من التشبيه الملفوف والمفروق والمفرد والمركب وما فيها من المجمل والمفصل وما فيها من الايجاز والاطناب والمساواة والاسناد الحقيقى والاسناد المجازى المسمى بالمجاز الحكمى والعقلى وأى موضع فيها وضع المضمر موضع المظهر وبالعكس وما موضع ضمير الشان وموضع الالتفات وموضع الفصل والوصل وكمال الاتصال وكمال الانقطاع والجامع بين كل جملتين متعاطفتين ومحل تناسب / صفحة 49 / الجمل ووجه التناسب ووجه كماله في الحسن والبلاغة وما فيها من ايجاز قصر وايجاز حذف وما فيها من احتراس وتتميم وبين لنا موضع كل ما ذكر فلم يقدر محمد بن عبدالوهاب على الجواب عن شئ مما سأله عنه وقد أخبر النبى صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء الخوارج في أحاديث كثيرة فكانت تلك الاحاديث من اعلام نبوة النبى صلى الله عليه وسلم لانها من الاخبار بالغيب وتلك الاحاديث كلها صحيحة بعضها في صحيحى البخارى ومسلم وبعضها في غيرها فمنها قوله صلى الله عليه وسلم الفتنة من ههنا الفتنة من ههنا وأشار إلى المشرق وقوله صلى الله عليه وسلم يخرج ناس من قبل المشرق ويقرؤن القرآن لايجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية لايعودون فيه حتى يعود السهم إلى فوقه سيماهم التحليق انتهى والفوق بضم الفاء موضع الوتر وقوله صلى الله عليه وسلم سيكون في أمتى اختلاف وفرقة قوم يحسنون القيل ويسيؤن الفعل يقرؤن القرآن لايجاوز ايمانهم تراقيهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية لا يرجعون حتى يعود السهم إلى فوقه هم شر الخلق والخليقة طوبى لمن قتلهم أو قتلوه يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شئ من قتلهم كان أولى بالله منهم سيماهم التحليق وقوله صلى الله عليه وسلم سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الاسنان سفهاء الاحلام يقولون قول خير البرية يقرؤن القرآن لايجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فاذا لقيتموهم فاقتلوهم فان في قتلهم أجر المن قتلهم عندالله يوم القيامة وقوله صلى الله عليه وسلم أناس من أمتى سيماهم التحليق يقرؤن القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية هم شر الخلق والخليقة وقوله صلى الله عليه وسلم يخرج ناس من المشرق يقرؤن القرآن لايجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية لايعودون فيه حتى يعود السهم إلى فوقه سيماهم التحليق وقوله صلى الله عليه وسلم رأس الكفر نحو المشرق والفخر والخيلاء في أهل الخيل والابل وقوله صلى الله عليه وسلم من ههنا جاءت الفتن وأشار نحو المشرق وقوله صلى الله عليه وسلم غلظ / صفحة 50 / القلوب والجفاء بالمشرق والايمان في أهل الحجاز وقوله صلى الله عليه وسلم اللهم بارك لنا في شامنا اللهم بارك لنا في يمننا قالوا يا رسول الله وفى نجدنا قال اللهم بارك لنا في شامنا اللهم بارك لنا في يمننا وقال في الثالثة هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان وقوله صلى الله عليه وسلم يخرج ناس من المشرق يقرؤن القرآن لا يجاوز تراقيهم كلما قطع قرن نشأ قرن حتى يكون آخرهم مع المسيح الدجال وفى قوله صلى الله عليه وسلم سيماهم التحليق تنصيص على هؤلاء القوم الخارجين من المشرق التابعين لابن عبدالوهاب فيما ابتدعه لانهم كانوا يأمرون من اتبعهم أن يحلق رأسه ولا يتركونه يفارق مجلسهم اذا تبعهم حتى يحلقوا رأسه ولم يقع مثل ذلك قط من أحد من الفرق الضالة التى مضت قبلهم فالحديث صريح فيهم وكان السيد عبد الرحمن الاهدل مفتى زبيد يقول لايحتاج أن يؤلف أحد تاليفا للرد على ابن عبدالوهاب بل يكفى في الرد عليه قوله صلى الله عليه وسلم سيماهم التحليق فانه لم يفعله أحد من المبتدعة غيرهم وكان ابن عبدالوهاب يامرأيضا بحلق رؤس النساء اللاتى يتبعنه فاقامت عليه الحجة مرة امرأة دخلت في دينه كرها وجددت اسلامها على زعمه فامر بحلق رأسها فقالت له أنت تأمر الرجال بحلق رؤسهم فلو أمرت بحلق لحاهم لساغ لك أن تأمر بحلق رؤس النساء لان شعر الرأس للمرأة بمنزلة اللحية للرجال فيهت الذى كفر ولم يجد لها جوابا لكنه انما فعل ذلك ليصدق عليه وعلى من تبعه قوله صلى الله عليه وسلم سيماهم التحليق فان المتبادر منه حلق الرس فقد صدق صلى الله عليه وسلم فيما قال وقوله صلى الله عليه وسلم حين أشار إلى المشرق من حيث يطلع قرن الشيطان جاء في رواية قرنا الشيطان بصيغة التثنية قال بعض العلماء المراد من قرنى الشيطان مسيلمة الكذاب وابن عبدالوهاب وجاء في بعض الروايات وبها يغنى نجد الداء العضال قال بعض الشراح وهو الهلاك وفى بعض التواريخ بعد ذكر قتال بنى حنيفة قال ويخرج في آخر الزمان في بلد مسيلمة رجل يغير دين الاسلام وجاء في بعض الاحاديث التى فيها ذكر الفتن قوله صلى الله عليه وسلم منها فتنة عظيمة تكون في أمتى لايبقى بيت من العرب الا دخلته تصل إلى / صفحة 51 / جميع العرب قتلاها في النار واللسان فيها أشد من وقع السيف وفى رواية ستكون فتنة صماء بكماء عمياء يعنى تعمى بصائر الناس فيها فلا يرون مخرجا ويصمون عن استماع الحق من استشرف لها استشرفت له وفى رواية سيظهر من نجد شيطان تتزلزل جزيرة العرب من فتنته ذكر العلامة السيد علوى ابن أحمد بن حسن بن القطب السيد عبدالله الحداد باعلوى في كتابه الذى الفه في الرد على ابن عبدالوهاب المسمى جلاء الظلام في الرد على النجدى الذى أضل العوام وهو كتاب جليل ذكر فيه جملة من الاحاديث منها حديث مروى عن العباس بن عبدالمطلب رضى الله عنه عم النبى صلى الله عليه وسلم أسنده إلى النبى صلى الله عليه وسلم قال فيه سيخرج في ثانى عشر قرنا في وادى بنى حنيفة رجل كهيئة الثور لا يزال يلعق براطمه يكثر في زمانه الهرج والمرج يستحلون أموال المسلمين ويتخذونها بينهم متجرا ويستحلون دماء المسلمين ويتخذونها بينهم مفخرا وهى فتنة يعتز فيها الارذلون والسفل تتجارى بينهم الاهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه قال ولهذا الحديث شواهد تقوى معناه وان لم يعرف من خرجه ثم قال السيد المذكور في الكتاب الذى مرذكره وأصرح من ذلك أن هذا المغرور محمد بن عبد الوهاب من تميم فيحتمل أنه من عقب ذى الخويصرة التميمى الذى جاء فيه حديث البخاى عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ان من ضئضئ هذا أو في عقب هذا قوما يفرؤن القرآن لايجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية يقتلون أهل الاسلام ويدعون أهل الاوثان لئن أدركتهم لاقتلتهم قتل عاد فكان هذا الخارجى يقتل أهل الاسلام ويدع أهل الاوثان ولما قتل على بن أبى طالب رضى الله عنه الخوارج قال رجل الحمد لله الذى أبادهم وأراحنا منهم فقال على رضى الله عنه كلا والذى نفسى بيده ان منهم لمن هو في أصلاب الرجال لم تحمله النساء وليكونن آخرهم مع المسيح الدجال وجاء في حديث عن أبى بكر الصديق رضى الله عنه ذكر فيه بنى حنيفة قوم مسيلمة الكذاب وقال فيه ان واديهم لايزال وادى فتن إلى آخر الدهر ولا يزال في فتنة من كذابهم / صفحة 52 / إلى يوم القيامة وفى رواية ويل لليمامة ويل لا فراق له وفى حديث ذكره في مشكاة المصابيح سيكون في آخر الزمان قوم يحدثونكم بمالم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فاياكم واياهم لايضلونكم ولا يفتنونكم وأنزل الله في بنى تميم ان الذين ينادونك من وراء الحجرات اكثرهم لايعقلون وأنزل الله فيهم أيضا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبى قال السيد علوى الحداد المذكور آنفا ان الذى ورد في بنى حنيفة وفى ذم بنى تميم ووائل شئ كثير ويكفيك أن أغلب الخوارج واكثرهم منهم وأن الطاغية ابن عبدالوهاب منهم وأن رئيس الفرقة الباغية عبدالعزيز بن محمد بن سعود بن وائل منهم وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال كنت في مبدأ الرسالة أعرض نفسى على القبائل في كل موسم ولم يجبنى حد جوابا أقبح ولا أخبث من رد بنى حنيفة قال السيد علوى الحداد لما وصلت الطائف لزيارة حبر الامة عبدالله بن عباس رضى الله عنهما اجتمعت بالعلامة الشيخ طاهر سنبل الحنفى ابن العلامة الشيخ محمد سنبل الشافعى فاخبرنى أنه ألف كتابا في الرد على هذه الطائفة سماه الانتصار للاولياء الابرار وقال لى لعل الله ينفع به من لم تدخل بدعة النجدى قلبه وأما من دخلت في قبله فلايرجى فلاحه لحديث البخارى يمرقون من الدين ثم لا يعودون فيه وأما ما نقل عن بعض العلماء أنه استصوب من فعل النجدى جمع البدو على الصلاة وترك الفواحش الظاهرة وقطع الطريق والدعوه إلى التوحيد فهو غلط حيث حسن للناس فعله ولم يطلع على ما ذكرناه من منكراته وتكفيره الامة من ستمائة سنة وحرق لكتب الكثيرة وقتله كثيرا من العلماء وخواص الناس وعوامهم واستباحة دمائهم وأموالهم واظهار التجسيم للبارى تبارك وتعالى وعقده الدروس لذلك وتنقيصه النبى صلى الله عليه وسلم وسائر الانبياء والمرسلين والاولياء ونبش قبورهم وأمر في الاحساء أن تجعل بعض قبور الاولياء محلا لقضاء الحاجة ومنع الناس من قراءة دلائل الخيرات ومن الرواتب والاذكار ومن قراءة مولد النبى صلى الله عليه وسلم ومن الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم في المنائر بعدالاذان وقتل من فعل ذلك وكان يعرض لبعض الغوغاء الطعام بدعواه النبوة / صفحة 53 / ويفهمهم ذلك من فحوى كلامه ومنع الدعاء بعد الصلاة وكان يقسم الزكاة على هواه وكان يعتقد أن الاسلام منحصر فيه وفيمن تبعه وأن الخلق كلهم مشركون وكان يصرح في مجالسه وخطبه بتكفير المتوسل بالانبياء والملائكة والاولياء ويزعم أن من قال لاحد مولانا أو سيدنا فهو كافر ولا يلتفت إلى قول الله تعالى في سيدنا يحيى عليه السلام وسيد اولا إلى قول النبى صلى الله عليه وسلم للانصار قوموا لسيدكم يعنى سعد بن معاذ رضى الله عنه ويمنع من زيارة النبى صلى الله عليه وسلم ويجعله كغيره من الاموات وينكر علم النحو واللغة والفقه والتدريس بهذه العلوم ويقول ان ذلك بدعة ثم قال السيد علوى الحداد في كتابه المتقدم ذكره والحاصل أن المحقق عندنا من أقواله وأفعاله ما يوجب خروجه عن القواعد الاسلامية لاستحلاله أموالا مجمعا على تحريمها معلومة من الدين بالضرورة بلا تاويل سائغ من تنقيصه الانبياء والمرسلين والاولياء والصالحين وتنقيصهم تعمدا كفر باجماع الائمة الاربعة اه وتقدم أنه عاش من العمر ثنتين وتسعين سنة لان ولادته كانت سنة أحد عشر ومائة وألف وهلاكه سنة ألف ومائتين وستة وأرخ بعضهم وفاته بقوله بدا هلاك الخبيث 1206 وخلف أولادا قاموا بالدعوة بعده عبدالله وحسن وحسين وعلى وكانوا يقال لهم أولاد الشيخ وكان عبد الله اكبرهم فقام بالدعوة بعد أبيه وخلف سليمان وعبدالرحمن وكان سليمان متعصبا أكثر من أبيه فقتله ابراهيم باشا سنة ألف ومائتين وثلاثة وثلاثين وقبض على عبدالرحمن وبعثه إلى مصر فعاش مدة بمصر ثم مات بمصر وأما حسن بن محمد بن عبدالوهاب فخلف عبدالرحمن وولى قضاء مكة في بعض السنين التى كانوا يحكمون فيها بمكة وعاش عبدالرحمن دهرا طويلا حتى قارب المائة ومات قريبا فخلف عبداللطيف وأما حسين بن محمد بن عبدالوهاب فخلف أولادا كثيرين ولم يزل نسلهم باقيا إلى الآن بالدرعية يعرفون باولاد الشيخ ونسأل الله أن يهديهم للصواب ( لطيفة ) كان رجل صالح من علماء البلدة التى تسمى بالزبير اسمه الشيخ عبدالجبار يصلى اماما في مسجد تلك البلدة فاتفق أن اثنين تجادلا في شان هذه الطائفة بعد ان جاء ابراهيم / صفحة 54 / باشا إلى الدرعية ودمرها ودمر من فيها فقال أحد الرجلين المتجادلين لابد أن يرجع أمر هذا الدين كما كان وترجع هذه الدولة كما كانت وقال الآخر لا يرجع أمرهم أبدا كما كان ولا ماكانوا عليه من البدعة ثم اتفقا على أنهما يذهبان في غدو يصليان صلاة الصبح خلف الشيخ عبدالجبار وينظران ماذا يقرأ بعد الفاتحة في الركعة الاولى ويجعلان ذلك فالا يحكمان به فيما اختلفا فيه فذهبا وصليا خلفه فقرأ بعد الفاتحة في الركعة الاولى وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون فتعجبا من ذلك ورضيا بذلك الفال حكما والله سبحانه وتعالى اعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم | ||||||||||||||
| |||||||||||||||
| ![]() |
| رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||||||||||||
|
أشكرك على المجهود المبذول وألف شكر لك تقبل مروري | ||||||||||||||
| |||||||||||||||
| ![]() |
| رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||||||||||||
|
وتشكر انت على على المرور الرائع بارك الله فيك | ||||||||||||||
| |||||||||||||||
| ![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الدرر , الرد , الزوجة , الوهابية , على , في |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الفروق الجوهرية بين الإباضية والمذاهب السنية | عابر الفيافي | المكتبة الإسلامية الشاملة | 2 | 01-05-2016 03:36 AM |
مجموعـة بحوث كااااملة (( مقدمة - الخاتمة - المراجع ))... | عابر الفيافي | نور البحوث العلمية | 9 | 09-30-2012 03:51 PM |
الزوجة ليلة الدخلة انها حامل في اربعة شهور! | جنون | نور الجرائم والإثارة | 3 | 02-13-2011 05:55 PM |
تفسير سورة النساء ص 15 (القرطبي) | الامير المجهول | علوم القرآن الكريم | 0 | 01-27-2011 09:19 AM |
تفسير سورة البقرة ص 35(القرطبي) | الامير المجهول | علوم القرآن الكريم | 0 | 01-06-2011 05:31 AM |