تفريغ محاضرة الشباب عماد الأمة وأمل المستقبل

تفريغ محاضرة الشباب عماد الأمة وأمل المستقبل

هذا التفريغ لمحاضرة ألقاها سماحة الشيخ أحمد الخليلي




بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين الذي أحسن كل شيئا خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين سبحانه خلق فسوى وقدر فهدى أحمده حمدا كثيرا طيبا مباركا فيهكما يحب ربنا ويرضى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الخلق والأمر وله الحكم والقهر إن الحكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله أرسله الله بأحسن أسوة وأفضل قدوة وجعله إماما للمتقين ورحمة للعالمين وسراجا للمهتدين ونعمة على الخلق أجمعين صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وعلىتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد فبتحية الإسلام الطيبة المباركة أحييكم جميعا أيها المشائخ والأخوة والأبناء فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وما أسعد هذا اللقاء في هذا اليوم الميمون الأغر وفي هذا المسجد الشريف وبهذا البلد المبارك ونحن نتفيأ جميعا ظلال العبودية لله سبحانه وتعالى وندين لله عز وجل بما فرضه علينا ونرجوا أن نكون منقادين دائما لأمره ومذعنين لطاعته ووقافين عند حدوده نأتمر بأمره ونزدجر عن نهيه ونسارع إلى طاعته ونتقي سخطه ونرجو رضوانه هذا

---

jtvdy lphqvm hgafhf ulh] hgHlm ,Hlg hglsjrfg hgHlm hglsjrfg hgafhf jtvdy ugh[

الموضوع الأصلي: تفريغ محاضرة الشباب عماد الأمة وأمل المستقبل || الكاتب: الامير المجهول || المصدر: منتديات نور الاستقامة

سبحان الله وبحمد...سبحان الله العظيم

ولا ريب أن الله سبحانه وتعالى خلق فسوى فهو تعالى الخلاق العليم الذي أعطى كل شيئا خلقه وأحسن خلق الإنسان فخلقه في أحسن تقويم وجعل خلقه أطوارا وحياته أطوارا يبدأ الإنسان من الضعف ويرقى في سلم الحياة حتى يصل إلى أوج القوة والفتوة ثم يبدأ في الانحدار والإنسان في كل هذه المراحل مسؤول عن ما قدم وأخر فهو لم يخلق هملا ولم يترك سدى وإنما خلق لينوء بتبعات ويتحمل مسؤوليات لأن الله تعالى خلقه ليكون خليفة في الأرض فلذلك هو مسؤول عن عمره كله إذ العمر هو وعاء نعم الله تعالى التي أنعهما عليه فإن كل نعمة إنما تأتي في هذا العمر لذلك كان على الإنسان أن يحافظ على هذا العمر ولا ريب أن هذا العمر ليس هو في يده فهو لا يمكن أن يحبس سيره لأنه يسير سيرا سريعا لا يفتئ في جميع الأحوال في نومه وفي يقظته في ذكره وفي غفلته في سروره وفي حزنه بل وفي جميع أحواله فإن العمر يسير بالإنسان سيرا حثيثا

وقد سمعت قبل عقود من السنين أحدا من أهل العلم يقول في موعظته فواعجبا من واقف وهو في حال وقوفه يرحل ووأسفا على راكب لا يعرف إلى أي الدارين يحمل ثم سمعته يقول فواعجبا من واقف وهو في حال وقوفه راحل ونائما وهو في حال نومه يقطع المراحلفالإنسان يسير بسرعة وكل نفس من أنفاسه إنما هو على حساب عمره لذلك كان حري به أن يكون في كل لحظة من لحظات عمره أقرب إلى الله تعالى بالطاعة وحسن العمل والإستقامة في دينه والسير في المنهاج الذي يؤدي به إلى رضوان الله سبحانه وتعالى وإذا كان العمر كله بهذا القدر إذ هو النعمة الكبرى التي تصب فيها النعم جميعا فإن مرحلة الشباب هي المرحلة المتميزة في هذا العمر

فالشباب هو ريعان العمر وزهرته ونضرته وتاجه وحليته لذلك كان على الإنسان أن يحافظ على شبابه وأن لا يدع شبابه للشهوات والملذات فإن الشباب أيضا ينقضي بسرعة إذ لا يفتح الإنسان عينيه على شبابه حتى وجده بلي و يسأل الإنسان عن شبابه سؤالا خاصا كما يسأل عن العمر كله كما جاء في حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله تعالى عنه الذي أخرجه أحمد والترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تزول قدم ابن ادم من عند ربه حتى يسأل عن خمس عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وماذا عمل فيما علم نعم يسأل عن ذلك كله والسؤال الأول عن العمر لأن العمر كما قلت هو النعمة الأولى التي أنعمها الله سبحانه وتعالى على الإنسان وتنصب نعمه جميعا في وعاء هذه النعمة الكبرى ثم يسئل سؤالا خاصا عن الشباب فيما أبلاه لأن الشباب يتميز بكونه مرحلة الفتوة والقوة وبإمكان الإنسان أن ينجز فيه مالا يمكنه أن ينجزه في غيره

فإذا الشباب هو الزهرة في هذا العمر ولذلك فإن الشباب الواعد المستقيم الذي يتمسك بأهداب الفضيلة وينئى بنفسه عن الرذيلة ويسارع إلى الخيرات ويترفع عن الشهوات ويبني حياته على خشية الله تعالى ورجائه وعلى إمتثال أمره وإزدجاره عن نهيه ذلكم الشباب هو بسمة الأمل على محيا الدهر التي تشرق فتبدد ظلمات اليأس والقنوط فبقدر ما يكون الشباب على خير وإستقامة وبر وتقوى يكون المستقبل مستقبلا واعدا وبقدر ما ينحط الشباب ويميع ويضل عن سبيل الحق ويبتعدوا عن الفضيلة ويغرقوا في أوحال الرذيلة يكون المستقبل والعياذ بالله مستقبلا مشؤوما فلذلك كان على الأمة أن تحرص على بناء شبابها وإعدادهم الإعداد الصالح ليكونوا أملها في مستقبلها كما يكونوا زهرتها وقوتها في حاضرها

ولا ريب أن بناء الشباب إنما يكون أولا بالعقيدة الصحيحة العقيدة التي تصل الإنسان بربه سبحانه وتعالى فيكون مراعيا لحق الله سبحانه والتي تجعل الإنسان ينظر في غده ويفكر في أخرته ويبني حياته على خشية وعد الله تعالى ووعيده في الدار الأخرة فإن الإيمان بالله واليوم الأخر هو الذي يبعث النفس بعثا على الاستمساك بالحق وإتباع الرشد والحرص على سلوك درب الفضيلة والإبتعاد عن مواطن الرذيلة ولذلك كان الإيمان بالله واليوم الآخر يقترنان دائما بتأكيد أوامر الله تعالى ونواهيه في كتاب الله تعالى العزيز فنحن نرى أن القران الكريم عندما يأتي لتأكيد أمر من أوامر الله تعالى أو نهيا من نواهيه يقترن ذلك بذكر الإيمان بالله واليوم الأخر فالله سبحانه وتعالى يقول(ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ) ويقول عز من قائل: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ) ويقول: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ) ويقول: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ)

ونجد الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تأتي أيضا مؤأكدة لأوامر الله تعالى ونواهيه بذكر الإيمان بالله واليوم الأخرفكم من حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء الأمر أو النهي فيه مقرونا بذكر الإيمان بالله واليوم الأخر فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول ( من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فلا يؤذي جاره ) ويقول عليه أفضل الصلاة والسلام ( من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليكرم ضيفه جائزته ) هكذا تأتي الأحاديث كما جاءت الأيات القرانية مؤكدة على الأوامر والنواهي بذكر الإيمان بالله واليوم الأخر ذلك لأن الإيمان بالله سبحانه وتعالى هو الإيمان بالمبدأ إذ كل شيء إنما هو بصنع الله

فالإنسان هو من خلق الله سبحانه وتعالى ولاريب أن الله تعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم وأصبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنه وجعله يسبح في خضم هذه النعم وهو الله تعالى السميع البصير العليم الخبير القادر على كل شيء لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء يعلم ما يتلجلج في أعماق الضمائر ويعلم ما تنطوي عليه مكنونات النفوس فلا يخفى شيء مما يقع بين حنايا هذه القلوب هو العليم بخلاجات القلوب وهو العليم بوساوس الصدور يعلم كل دقيقة وجليلة كما يقول (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)ولا يمكن أن يتوارى عنه أحد في أي حال من الأحوال سواء كان بين الناس أو كان في أعماق الظلمات منفردا بحيث لا يراه أحد من خلق الله تعالى فإن الله عزوجل لا يحجبه عنه حاجب هو الذي يراه ويعلم ما ينطوي عليه ضميره ويعلم ما يتلجلج في أعماق قلبه ويحاسبه على كل دقيقة وجليلة (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ)

فإذا جدير بهذا الإنسان الذي يوقن هذا الإقان أن يؤثر رضى الله تعالى على هواء نفسه وأن يحرص كل الحرص على أن تكون حياته كلها وفق ما أمر الله تعالى به وأن يكون شبابه مستغلا في طاعة الله تعالى وفي التقرب إليه بأصناف الطاعات وأصناف القربات إلا أن النفس البشرية تزعزعها زعازع لأنها واقعة بين الجواذب والدوافع فلذلك قد يطغى على أثر هذا الإيمان أثر هوى نفسه في بعض الأحيان فلذلك كان الإيمان باليوم الأخر يضبط هوى هذه النفوس ويردها إلى جادة الحق عندما يدرك الإنسان أن المنقلب إلى الله سبحانه وتعالى وأن الله في تلكم الدار يحاسبه على ما قدم وما أخر ويجزيه الجزاء الأوفى ( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)

فعندما يتغلغل هذا الإيمان في أعماق النفس لاريب أن الإنسان يتغلب على شهواته ونزغاته ونزعاته حتى يضبط نفسه جميعا فيضبط جسمه وعقله وقلبه وروحه وضمائره وغرائزه حتى تنساق جميعا وفق أمر الله سبحانه وتعالى وينقاد إنقياد تاما لأمره ويقف عند حدوده لأنه يدرك تمام الإدراك أن هذا العمر يتخرم ويسير الإنسان سيرا حثيثا إلى لقاء الله سبحانه وتعالى الذي سوف يحاسبه على ما قدم وأخر وسوف يجزيه الجزاء الأوفى في تلك الدار ولاريب أنه ليس بعد الموت مستعتب وليس بعد القبر دار إلا الجنة أو النار فالإنسان ليس له في كسبه عمران إنما العمر الذي يكتسب فيه الأعمال هو هذا العمر الواحد المحدود الذي يبدأ بالميلاد وينتهي بالوفاه فهو واقع بين المبدأ والمصير وليس هنالك أيضا عمرا أخر يجازى به إلا عمرا واحدا ذلك العمر هو العمر الأبدي العمر الخالد فإن ربح ربح وإن خسر والعياذ بالله خسر ففي ذلك اليوم يأتي الخاسر والعياذ بالله ويقول (يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ)