سَارَة اللَّوَاتِيَّة ( ق 5 هـ/ 11م ) امرأة صالِحَة ، قال عنها الشماخي : « وسارة امرأةٌ لواتية ، مسكنُها سُوف , صالِحَةٌ عابدة » . عاصرت الشيخَ إدريس بن الطويل وأبا زكريا أفلح بن أبي زكريا ، وكانت تروي أشعارًا بالبربرية ، قيل : إنَّ مُنَبِّهًا يُنَبِّهُهَا فيأمرها بالْمَعْرُوف ، ويَهْتِفُ عليها بِهَذه الأشعار لصلاحِهَا . كانت تأوي الشيوخَ وتزورهم طلبًا للعلم وسؤالاً في أمور الدين ، وكان النسوةُ يَجْتَمِعْنَ إليها ويسأَلْنَها النصيحةَ والموعظةَ . توفيتْ في بلدها «سوف» بالقُطْر الجزائري ، ودفنت فيها . المصادر: • الوسياني : سير (مخ) 2/291 -292. • الشماخي : السير 2/154، 164 - 165. • قطب الأئمة : إن لم تعرف الإباضية ص64 . • فرصوص : الشيخ أبو اليقظان كما عرفته ص47 . • جمعية التراث : معجم أعلام الإباضية 3/345. ملاحظات: • ورد اسْمُ الْمُتَرْجَمِ لَهَا كذلك : «سارت» ، ولعلَّه بربريٌّ ، ويُنْطَقُ هكذا : «سَارْت» بتخفيف الرّاء وجَرِّ التاء في السَّطْر كما قال القطب ، وقد صَرَّحَ بأنه لفظٌ أعجميّ . انظر : تيسير التفسير للقطب 5/ 465 . • ألَّفَ الشيخُ أبو اليقظان رسالةً عنوانُها «هل للإباضية وجودٌ في سُوف في الزَّمن القديم ؟» قال عنها : « أمَّا سبب تَحرير هذه الرسالة فإنه عندما بلغَنا أن جماعة من الأدباء من إطار الإذاعة الوطنية الجزائرية - سابقًا - ثار ضجيجُهم ؛ يتساءلون : هل للإباضية وجود في سوف في الزمن القديم ؟ فتعجَّبْنَا نَحْنُ من هذا التساؤل الذي يبدو لنا أنه أشبهُ شيءٍ بالتجاهل بالبديهيّات ، نظرًا لِمَا اشتهر في الكتب التاريخيّة أنه كان للإباضية رجالٌ علماء وأئمةٌ فطاحل ونساءٌ عالِمَاتٌ صالِحَاتٌ عابدات في سوف ، فكتَبْنا في هذا الموضوع رسالةً بَيَّنَّا فيها - نقلاً عن مصادر وثيقة مثل السير للشماخي والطبقات للدرجيني - أنه كان في الزمن القديم وجودٌ للإباضية قطعًا ، ولأجل هذا سَمَّيْنَا بنتنا باسم «سارة اللواتية» تلك المرأة الشهيرة العابدة المذكورة في نفس تلك الكتب » .
سَالِمَة الْمُصْلِحِيَّة ( ق 14 هـ ) سالِمَة بنت سُوَيف المصلحية : امرأة فاضلة من نساء بَدِيَّة ، كانت قانتة عابدة ، حافظةً لقدرٍ كبيرٍ من القرآن الكريم ، فاشتغلتْ بتدريسه وتعليمه للنساء . المصادر: • الحجري : الأمهات الصالحات (مخ) 18 . • الشقصية : السيرة الزكية 183 .
سالِمَة الحَجْرِيَّة ( ق 14 هـ ) سالِمَة بنت عامر بن سلطان بن عامر الْحَجْرِيَّة : امرأةٌ فقيهةٌ زاهدةٌ ، قوّامةٌ صوّامةٌ ، من أهل بَدِيَّة ، وهي أخت السيدة ماهلة الآتِي ذكرها ، كانت من الذاكرات لله كثيرًا ، اشتغلتْ بتربية الأطفال ، وتعليمهم العلمَ النافعَ ، وتنشأتِهُم النشأةَ الصالِحَةَ ، وقد حجَّت إلى بيتِ الله الحرام مع زوجها عامر بن حمد بن راشد الحجري ، وزارتْ مسجدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنوّرة . المصادر: • الحجري : الأمهات الصالحات (مخ) 11 . • الخصيبي : شقائق 3/328 . • الشقصية : السيرة الزكية 188 .
سالِمَة بنت عَلِيّ ( ق 14 هـ تقريبًا ) سالِمَة بنت علي بن حُمَيْد الحَجْرِيّة : امرأة عالِمَة من أهل بَدِيَّة ، كانت لَهَا مكتبةٌ ، ولَمْ يُذْكَرْ زمانُ حياتِهَا بالتحديد . المصادر: • الخصيبي : شقائق النعمان 3/334 . • الخصيبي : الزمرد الفائق 3/277 . • شباب المنتدى العاشر : الهدية في وصف بدية 14.
سَبِيعَة الشَّمَّاخِيَّة ( ت : بعد 1385هـ/ 1965م ) سَبِيعَة بنت قاسم بن سعيد بن قاسم ابن سُليمان بن مُحمّد الشَّمَّاخِيَّة : سيّدة فاضلة ، هي بنت الشيخِ قاسم الشمّاخي ( ت1334هـ/1916م ) نزيلِ مِصْر وأَحَدِ رُوَّادِ حركة الإصلاح فيها ، وأختُ الزعيم الْمُناضل والسياسيّ الْمُحَنَّك سعيد ابن قاسم الشمّاخي . مِنْ أصل ليبِيّ مِنْ جَبَل نَفُوسَة ، سَكَنَتْ مصر مع عائلتها ، واقترنت بالشيخ الْمُجَاهد أبي إسحاق اطفيّش (ت1385هـ) وكانت رفيقةَ عُمُرِهِ وأنيسةَ دَرْبِهِ في مشواره الجهاديّ الطويل بِمِصْر . أَنْجَبَتْ لَه جَميعَ أبنائه الْخَمسةِ وأُخْتًا لَهُم ، وربَّتْهم تربيةً صالحة ، وبسبب ظروف حياتِهَا لَمْ تتفرغْ لطلب العلم , إلا أنَّها كثيرًا ما كانت تغرس في نفوس أبنائها رُوحَ الفضيلة ، وتَحُثُّهم على اقتفاء أثرِ وَالِدِهِم ، ولا ترضى أن تَخْرُجَ عن أَمْرِه قِيدَ أَنْمُلَة . المصادر: • الحاج سعيد : تاريخ بني مزاب 189. • مقابلة شفهية مع الحاج محمد ابن أبي إسحاق اطفيش ؛ بتاريخ شوال 1421هـ / يناير 2001م .
أُمُّ سَحْنُونَ اللالُوتِيَّة ( حية بعد 283هـ/ 898م ) إحدى فذَّات النساء ببلدة لالوت فِي جبل نفوسة بليبيا ، عالِمَةٌ ناصحة , كثيرًا ما يزورها المشايخ للاستفادة من علمها ونصحها ، فقد كانت - على حدّ تعبير الشمّاخي - « أفضلَ عجوزٍ بالْجَبَل » . عاصرتْ مِنَ العلماء : ماطوسَ بن ماطوس ، وأبا هارون موسى بن يونس الجلالْمِي ؛ اللَّذَيْن بقيا على قيد الْحَياة بعد وقعة مانو سنة 283هـ , وتركتْ أقوالاً مأثورةً في الْحِكْمَةِ ، ذَكَرَتْ كُتُبُ السِّيَرِ طَرَفًا منها . المصادر: • البغطوري : سيرة أهل نفوسة ( مخ ) 8 - 9. • الشماخي : السير 1/252. • معمر : الإباضية في موكب التاريخ ح2ق1/178- 179 ؛ ح2ق2/172 ؛ ح4/178 . • جمعية التراث : معجم أعلام الإباضية 3/349. ملاحظات: • وردتْ «أمُّ سحنون» في معجم أعلام الإباضية ضمنَ أعلام القرن الرابع الْهِجْري ، ولَمْ أتَمَكَّنْ من معرفة ما إذا كانت قد أدركت القرنَ الرابع أو لا ، لذلك احترزتُ بِمَا ذكرْتُه أعلاه . • أوْرَدَ الوِسْيانِيُّ ضِمْنَ قائمة العجائز الصالِحَات بالْجَبل : « أمَّ حَسْنون من لالوت » ، فلعلّها هي نفسُها أمُّ سحنون ، وحَدَثَ تقديمٌ وتأخيرٌ في بعض حروف اسْمِها ، أمّا البغطوري فقد ذكر شيئًا من أخبارها يتشابه كثيرًا مع روايات الشماخي باسم « أم حسنون » ، فالأقربُ أنَّها شخصيةٌ واحدةٌ .
سَرْغِينْت الوِرِيوْريَّة ( ق 5 هـ/11م ) امرأة صالِحَة عالِمَة ، من بلدة «وريوري» بِجَبل نفوسة ، ذكرها الوسيانِيُّ في قائمة العجائز الصالِحَات ، وحكى عنها أنَّها كانت تسأل العزابة وتناقشهم في فتاواهم ، مِمَّا يشير إلى مكانتها العلمية واهتمامها بالفقه وأهله . المصادر: • الوسياني : سير (مخ) 2/162، 254. • جمعية التراث : معجم أعلام الإباضية 3/352 .
سُعَاد الْمُعْمَرِيَّة ( ت بعد 1415هـ ) سُعَاد بنت سعيد بن سيف المَعْمَرِيَّة : عالِمَة جليلة وداعية مثابرة ، من أهل زِنْجِبَار ، تَرْجِعُ أصولُها إلى عُمان ، سافرتْ مع أُسْرَتِها إلى مصر التي كانت آنذاك عامرةً بطلبة العلم الإباضيين من المشرق والمغرب ، ونالتْ قدرًا كبيرًا من العلم والْمَعرفة ، ثُمَّ اقترنتْ بالشيخ الْمُجَاهِد أبِي إسحاق اطفيّش سنة 1371هـ/ 1951م ، وعاشتْ مَعَهُ قرابةَ الخمسة عشر عامًا , واصَلَتْ خلالَهَا مسيرتَهَا العلميّةَ في مدرستها الثانية على يد زوجها الشيخ ، وكان لَهَا دورٌ كبيرٌ في توعية نساء عصرها عن طريق الاجتماع بِهِنَّ وإلقاء الدروس والمواعظ عليهن ، والإمامة بِهِنّ في صلاة التراويح ، وتشرَّفَتْ بصحبة زوجها إلى الحج في عام 1382هـ . وبعد وفاة الشيخ أبِي إسحاق عادت إلى موطنها زنْجبار ، وكثَّفتْ نشاطها الدعويَّ في الجانب النسوي هنالك ، ثُمّ انتقلتْ إلى بلدة «مُمْباسة» الكِينيَّة للغرض نفسه ، وتركتْ أثرًا واضحًا في نساء إفريقيّة ، وفي السّنوات الأخيرة من عُمُرِهَا الْحَافل بالْجِدِّ والْمُثَابرة سافرتْ إلى عُمَان لتستقرَّ بِهَا مع أهليها ، وشاء الله تعالى أن تُتَوفَّى بِهَا عن عمرٍ يناهز الْخَمْسةَ والثمانينَ عامًا ، وصَلَّى عليها الربيعُ بن أبِي إسحاق اطفيش ودُفِنَتْ بعُمان . لَمْ تُنْجِب السيدةُ سعاد من زوجها الشيخ أبِي إسحاق ولَمْ تتزوَّجْ بعدَه ، وكان أبو إسحاق يُجِلُّها ، وكثيرًا ما يَنْعَتُها ب « السيدة العمانية » في كتاباته . المصادر: • أبو إسحاق اطفيش : رسالة إلى أبي اليقظان ؛ بتاريخ 8 صفر 1383هـ . • أبو إسحاق اطفيش : تمليك في مقدمة كتاب « تفسير الخمسمئة آية » (مخ) . • عبدالله بن محمد الرواحي : رسالة إلى أبي إسحاق اطفيش (مخ) . • الحاج سعيد : تاريخ بني مزاب 189. • الحاج محمد اطفيش : تاريخ أبي إسحاق ( محاضرة مسجَّلة ) سناو ـ 1421هـ ؛ رقم 2 . • مقابلة شفهية مع الحاج محمد بن أبي إسحاق اطفيش ؛ بتاريخ شوال 1421ه / يناير 2001م . • مقابلة شفهية مع الشيخ عيسى بن سالم بن محمد الرواحي ؛ بتاريخ 19 ربيع الأول 1422هـ/ 11 يونيو 2001م . • قاسم بالحاج : حول رحلتي الشيخ أبي إسحاق إبراهيم اطفيش إلى جزيرة زنجبار مجلة الحياة ع4/ ص 153 ـ 154 . • قاسم بالحاج : مذكرات من أعماق جزيرة زنجبار ص 109 - 111 . • مقابلة شفهية مع الشيخ أحمد بن حمد الخليلي ؛ بتاريخ شعبان 1424هـ . ملاحظات: • يَرِدُ اسمُ الْمُتَرْجَمِ لَهَا في بعض المصادر : « سَعَادَة » ، وينطقه العمانيون بفتح السِّين . • كنتُ كتبْتُ اسمَ الْمُتَرْجَمِ لَهَا قبل ذلك : سعاد بنت سالم بن سيف المعمرية ، ثُمَّ صَوَّب لِي ذلك شيخُنا الْجَليل أحمد بن حمد الخليلي حفظه الله . • كان اقترانُ سعاد بالشيخ أبِي إسحاق في مصر ، وليس في زنْجبار كما يُتَوَهَّم ، وقد أكَّد لِي الحاجُّ مُحمّد ابن الشيخ أبِي إسحاق اطفيش أنَّ مصر آنذاك كانت عامرةً بالإباضية ، وأنَّ جاليةً زنْجباريّةً كبيرةً كانت تقطنها .
سَعَادَة النَّبْهَانِيَّة ( ت 501 هـ ) سعادة بنت أبِي سعيد النبهانية : امرأةٌ من أشراف آل نَبْهَان ، ونَجيبةُ سادةٍ خَضَعَتْ لَهُم بلدانُ عُمان ردحًا من الزمان . وهي أمُّ السلطان مُحمّد بن عمر بن نبهان . أنشأَ الشاعرُ الستالِيُّ فيها قصيدتَه التي أوّلُهَا : أَلَمْ تَعْلَمْ بِمَنْ تَقَعُ الْخُطُوبُ ؟ وهَلْ تَدْرِي النَّوَائِبَ مَنْ تَنُوبُ ؟ وقد قالَهَا للسُّلطان المذكور تعزيةً لَه في والدته ، ومِمَّا جاء فيها : فُجِعْنا بالكريمَةِ في مَعَدٍّ لَهَا ولِقَوْمِها الشَّرَفُ الْحَسِيبُ بِسَيِّدَةِ النساءِ تُقىً وحِلْمًا وجُودًا ما يُعَدُّ لَهَا ضَرِيبُ ولَمْ يُعْرَفْ لَهَا خُلُقٌ ذَمِيمٌ ولَمْ يُوجَدْ لَهَا سَعْيٌ مَعِيبٌ مُجَاوِرُها عَزيزٌ فِي ذُرَاهَا وسائِلُها الْمَثُوبَةَ لا يَخِيبُ ألا هِيَ مُزْنَةُ الْجُودِ اضْمَحَلَّتْ وشَمْسُ الْمَجْدِ وَارَاها الْمَغِيبُ تَوَلَّتْ بالبَشَاشَةِ وَالأَيَادِي وغابَتْ بالسُّرورِ فَمَا تَغِيبُ أيُسْكَنُ بَعْدَها البَلَدُ الْمُزَكَّى وهلْ يُسْتَحْسَنُ الزَّمَنُ الخَصِيبُ؟ أفادَ الكُلَّ نائلُها فأضْحَى لِكُلٍّ مِنْ مُصِيبَتِهَا مُصِيبُ وقال لَهَا من الباكِي عَلَيْها حَشىً يَنْقَدُّ أو كَبِدٌ تَذُوبُ وَعَزَّ على الأَحِبَّةِ أَنْ يَرَوْها يُهَالُ على مَحَاسِنِها الكَثِيبُ رَهِينَةَ وَحْشَةٍ في بَطْنٍ لَحْدٍ تَمُرُّ بِهَا الشَّمائِلُ والْجَنُوبُ مُفَارِقَةً ومُلقَاها يَسِيرٌ ونَازِحَةً ومَثْوَاها قَرِيبُ تُزَارُ فَمَا تُحِسُّ بِزَائِرِيهَا ويَدْعُوها الْمُجِيبُ فلا تُجِيبُ نُبَكِّيها ونَنْدُبُهَا وَحَقٌّ لَنَا مِنْها التَّأَسُّفُ والنَّحِيبُ فأجازَه السلطانُ بثلاثة آلاف درهمٍ ومَرْكُوبٍ رائعٍ ، وذلك سنة 501 هـ . المصادر: • الستالي : ديوان الستالي 37 - 42 . • البطاشي : إتحاف الأعيان 1/ 490 - 492 . ملاحظات: • اسمُ الْمُتَرْجَمِ لَهَا لَمْ يَرِدْ فِي الدِّيوان ولا ضِمْنَ القصيدة ، وإنَّما ذكره الشيخُ البطّاشيّ في إتْحافه .
سَعِيدَة الْمُهَلَّبِيَّة ( ق 2 هـ ) مِنْ خيارِ الْمُسْلِمَات ، عاشت في قُصُورِ الأُمَراء ، إذ كان زَوْجُها عبدُالله بن الربيع خالاً للمهدي العبَّاسي ( 158-169هـ ) وصِهْرًا لأبِي جعفر الْمَنْصُور ( 136-158هـ ) وهي مِنْ نَسْلِ عائلةٍ أَخْرَجَتْ رجالاً ونساءً عُرِفوا بانتمائهم للدعوة الإباضية ، ومساندَتِهِمْ لَهَا في طَوْرِ نشأتِهَا وتأسيسها . ويُفْهَمُ مِنْ كُتُبِ التاريخ أنَّها شخصيَّةٌ بارزةٌ في مُحيط الدعوة ، إذ يُعْرَفُ غيرُها بِهَا ولا تُعْرَفُ بغيرها ، فنجد المؤرخين يقولون : فُلانةٌ أمُّ سعيدة ، وفُلانةٌ جدّةُ سعيدة ، وفُلانةٌ عَمَّتُها ... مَا يُشِير إلَى اشتهارِها أكثرَ من بقيّة أفراد عائلتها . كانت مَوْئِلاً للمسلمين وسَنَدًا لَهُمْ في دعوتِهِمْ ، اتَّخَذَتْ لَهُمْ سِرْبًا في دارها يَجتمعون فيه بالليل ، وأخْفَتْ ذلك عن زوجِها ، وكاد أمرُها أنْ ينكشف على يد ابنٍ لزوجِها مِنْ غيرِها ، لولا عناية الله ولطفه وتأييده . * قال أبو سفيان : « كان زوجُ سعيدة يُقال له : عبدالله بن الرَّبيع خال المهدي ، واتَّخَذَتْ سعيدة للمسلمين سربًا في دارها يَجتمعون فيه بالليل ، ولابْنِ الربيع أولادٌ من غير سعيدة ، فكان أحدُهم قد دَعَاه المسلمون فأجابَهُم ودخل مجَالِسَهُم ، وعَرَفَ المشايخَ بوجُوههم ومنازِلِهِمْ وأسْمَائِهِمْ ، وكان لَهُ أمَّهاتُ أولادٍ مسلماتٌ ، فأَعْتَقَ واحدةً يُريد إكرامَها ، وأراد أن يتزوَّجها فأبتْ عليه ، وقالتْ : الْحَمْدُ لله الذي نَجَّانِي منك . فغضِبَ عليها ، ثُمَّ أعْتَق أخرى لينظرَ ما تفعل ، ففعلتْ كَفِعْلِ صاحبتها . فقال لَهُنَّ : إنَّما خَدَعْتُنَّنِي حتى أدْخَلْتُنَّني في دينِكُنَّ ، فلمّا أعتَقْتُكُنَّ وأردْتُ إكرامَكُنَّ بأن أتزوجَكُنَّ فأبَيْتُنَّ ! . فغَضِبَ وكَتَبَ إلَى أبِي جعفر بأسْمَاءِ مشايِخِ المسلمين ومَجَالِسِهِمْ ، وكَتَبَ بأنَّ سعيدةً تَجْتمعُ عندَها الإباضيةُ في سِرْبٍ لَهَا في دارها ، فلمّا قرأ أبو جعفر الكتابَ دَفَعَهُ إلى ابنِ الربيع ، فلمّا قرأه أَكْثَرَ الاسترجاعَ . قال أبو جعفر : مَالَكَ ؟ قال : ابْنِي قد ذَهَبَ عقلُه وأرجو أن يُعَافَى ، وصار إلى ما أرى ، واسترجَعْتُ لِمُصيبَتِي فيه . قال : احْبِسْهُ . قال : لا بُدَّ من ذلك . قال أبو جعفر : فأُرسِلُ إليكَ طبيبًا يُداويه ؟ قال : لا أُحِبُّ أن أُشْهِرَهُ ، لكن ابْعَثْ لِي بالأدوية . فبَعَثَ إليه أصنافًا من الأدوية ، وجَعَلَ ابنَه في الْحَدِيدِ زمانًا ، حتى كَتَبَ إلى أبِي جعفر بأنَّه كَتَبَ الكتاب وهو لا يَعْقِل . وقد قال ابنُ الربيع لأبي جعفر : أَوَمِثْلُ سعيدة يُقال فيها هذا ؟! » . المصادر: • الشمّاخي : السير 1/100- 101 . • الشقصية : السيرة الزكية 54 - 56. ملاحظات: • وَرَدَ في المصادر التاريخيّة الإباضية أن عبدالله بنَ الربيع زوجَ سعيدة هو خالُ المهدي ، ويُفهم من ذلك أنّ عبدالله بن الربيع صِهْرٌ لأبِي جعفر المنصور والدِ الْمَهْدي ، أي أخٌ لزوجته . والذي وجَدْتُه في كتب التاريخ أنَّ : 1- عبدالله بن الربيع هو أحد ولاة الْمَنْصُور ، واسْمُه : عبدالله بن الربيع الْحَارِثي ، استعمله المنصور على المدينة سنة 145هـ ، وعَزَلَه عنها سنة 146هـ وَوَلَّى مكانه جعفر بن سليمان ، ولَمْ تُذْكَرْ لَهُ صلةُ قرابةٍ أو مصاهرةٍ بالْمَنْصُور والْمَهْدي . وهناك شخص آخر يُسَمَّى عبدالله بن الربيع بن عبيدالله بن المدان ، كان مرافقًا للمنصور في سَيْرِهِ إلى الكوفة سنة 145هـ ، ولستُ أدري هل هو الأول نفسُه أو غيره . 2- أمَّا زَوْجُ الْمَنْصُور فهي أرْوَى بنت منصور الْحِمْيَرِيَّة ، وهي أُمُّ وَلَدِهِ محمد المهدي . وعليه ؛ فالأمر يَحتاج إلى تَحقيقٍ وضبطٍ ، والله أعلم بالصواب . انظر : الكامل في التاريخ لابن الأثير ج5 / ص 535 ، 555، 556 ، 557، 572، 576. و : الدولة العبّاسية لِمُحمّد الخضري بك ص 58 - 59 .
سَلِيمَة الصَّقْرِيَّة ( ت بعد 1314هـ ) سليمة بنت سعيد بن علي الصقرية : سيدة جليلة ، هي ابنة الشيخ الزاهد الورع سعيد بن علي الصقري ( ت 1301هـ ) ، نشأت في كَنَفِه فكان مدرستَها الأُولَى ، ثُمَّ اقترنَتْ بالإمام الْمُحْتَسِب الشيخ صالِح بن علي الحارثي ( ت 1314هـ ) فصارتْ سنَدًا وعونًا له . وكانت امرأةً حليمة زاهدة ، تَعْرِف قدرَ الناس وتُنْزِلُهُم مَنازِلَهُم ، وتَبَوَّأَتْ مكانةً عظيمةً في قلب زوجها الذي كان لا يَستَغْنِي عنها لِثِقَتِهِ الكبيرة بِهَا ، ولَهَا الفضلُ في إنقاذه من الْهَلاك حين أهداه أحدُ أعدائه عباءَةً مسمومةً ، فأوْجَسَتْ منها رِيبةً ونَصَحَتْهُ بأنْ لا يلبَسَها ، فأخَذَ بنصيحتها ، وجَرَّبَت العباءةَ على قِطَّةٍ فماتَتْ . عاشَت السيدةُ سليمةٌ مع زوجها الإمام حتى وفاته سنة 1314هـ ، وقد أنْجَبَ منها ثلاث بناتٍ : عزيزةً وشَمْسةً وعائشةً ، وابنًا واحدًا هو الأمير عيسى ؛ الذي ورث خصالَ أبيه ، وكان لأُمِّه الأثرُ الكبير في تربيته و تنشأته النشأة الصالِحَة . المصادر: • الحارثي : أضواء على بعض أعلام عمان 63. • الشقصية : السيرة الزكية 153 - 154 . ملاحظات: • للإمام الْمُحْتَسِب صالح بن علي الحارثي خمسُ أزواجٍ : الأولى : حجْرِيّة ؛ تزوّجها بتوجيهٍ من الإمام عزّان بن قيس ، ثُمَّ طلَّقَهَا . والثانية : صقرية ؛ وهي المترجَم لَهَا أعلاه. والثالثة : جَبْرِيَّة ؛ بَقِيَتْ معه حتى توفّي . والرّابعة : غُفَيْلِيَّة ؛ طلّقها بعد فترةٍ قصيرةٍ . والخامسة : حارثيّة ؛ وهي بنتُ عمّه . وقد توفّي الإمامُ الْمُحْتَسِبُ عن اثنتين فقط الصقرية والجبرية .
اترك تعليقا