{العقيدة الوهبية} لابي مسلم البهلاني {الفصل الثاني} - منتديات نور الاستقامة
  التعليمـــات   الاتصالات والمجموعات   التقويم   مشاركات اليوم   البحث
أخواني وأخواتي..ننبه وبشدة ضرورة عدم وضع أية صور نسائية أو مخلة بالآداب أو مخالفة للدين الإسلامي الحنيف,,,ولا أية مواضيع أو ملفات تحتوي على ملفات موسيقية أو أغاني أو ماشابهها.وننوه أيضاَ على أن الرسائل الخاصة مراقبة,فأي مراسلات بين الأعضاء بغرض فاسد سيتم حظر أصحابها,.ويرجى التعاون.وشكراً تنبيه هام


** " ( فعاليات المنتدى ) " **

حملة نور الاستقامة

حلقات سؤال أهل الذكر

مجلة مقتطفات

درس قريات المركزي

مجلات نور الاستقامة



الإهداءات  من: المريخيا مرحبا ووويينكمممم ما زلتم في القمر ههههههههههههههه          من: الرستاك          من: مرمولإلى كل عضو كان موجودا في هذا المنتدى المبارك واختفى فجأة بدون سابق إنذار إلى كل متابع لمنتديات نور الاستقامة          من: بيتناالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته          كل عام وأنتم بخير          من: الرستاقكيفكم عدنا لكم بعد غيااااااب ٧...          من: الرستاقكيفكم عدنا لكم بعد غيااااااب ٧...          من: بيتنا😉السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 🌸 اخباركم واخبار المنتدى ؟؟         اللهم حرر القدس واجعلها في أيدي عبادك الصالحين        


العودة   منتديات نور الاستقامة > الــنـــور الإسلامي > المكتبة الإسلامية الشاملة

المكتبة الإسلامية الشاملة [كتب] [فلاشات] [الدفاع عن الحق] [مقالات] [منشورات]


إضافة رد
 
أدوات الموضوع
افتراضي  {العقيدة الوهبية} لابي مسلم البهلاني {الفصل الثاني}
كُتبَ بتاريخ: [ 06-07-2011 ]
رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية عابر الفيافي
 
عابر الفيافي غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,916
عدد النقاط : 363
قوة التقييم : عابر الفيافي قمة التميز عابر الفيافي قمة التميز عابر الفيافي قمة التميز عابر الفيافي قمة التميز


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


{العقيدة الوهبية} لابي مسلم البهلاني {الفصل الثاني}

الفصل الثاني


الدرس الأول
{في أصول معرفة التوحيد}



بسم الله الرحمن الرحيم




التَّلْمِيذُ : مَا هو الوَاجِبُ العَقْليُّ ؟

الأُسْتَاذُ : هُو مَا لا يُتَصَوَّرُ فِي العَقْلِ عَدَمُهُ .

التَّلْمِيذُ : مَا مِثَالُهُ ؟

الأُسْتَاذُ : مِثَالُهُ : مَعْرِفَةُ أَنَّ لِلْفِعْل الثَّابِتِ فَاعِلاً ، وَمَعْرِفَةُ ثُبُوتِ القُدْرةِ لِمَنْ ثَبَتَ لَهُ الفِعلُ ،

وهي القُدْرَةُ المُقارِنَةُ لِلْفِعْلِ ، وهي مَجْمُوعُ ما يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الفِعْلُ مِنْ وُجُودِ الشَّرائِطِ ،

وانْتِفَاءِ المَوَانِعِ ،لا القُدْرةُ الَّتي بِمَعْنَى نَفْي الزَّمَانَةِ والعَجْز ؛ لأنَّها سَابِقَةٌ لَهُ ، لَكنْ لابُدَّ مِنْ

وُجُودِها أيضاً ، ومَعْرِفَةُ ثُبوتِ العِلْم لِمَنْ ثَبَتَتْ لَهُ القُدرةُ ، وثُبُوتِ الحَياةِ لِمَنْ ثَبَتَتْ لَهُ

القُدْرةُ والعِلْمُ ، وثُبُوتِ الوُجُودِ لِمَنْ ثَبَتَتْ لَهُ الحَياةُ ، فالفِعْلُ يَسْتَلْزِمُ القُدْرةَ ، والقُدْرةُ

تَسْتَلْزِمُ العِلْمَ ، والعِلْمُ يَسْتَلْزِمُ الحَيَاةَ ، والحَيَاةُ تَسْتَلْزِمُ الوُجُودَ .

التَّلْمِيذُ : ما المُسْتَحِيلُ ؟

الأُسْتَاذُ : هُوَ مَا لا يُتَصَوَّرُ في العَقْلِ وُجُودُهُ .

التَّلْمِيذُ : ما مِثَالُهُ ؟

الأُسْتَاذُ : اجْتِماعُ الضِّدَّيْنِ ، وَوُجُودُ شَيءٍ وَاحِدٍ في مَكَانَيْنِ في وقتٍ واحدٍ ، وتحريكُ

الجِسْمِ إلى جِهَتَينِ في وَقْتٍ وَاحِدٍ ، وَهَذا دَاخلٌ في المِثْالِ قَبْلَهُ .

التَّلْمِيذُ : ما الجَائِزُ ؟

الأُسْتَاذُ : هُو ما يَصِحُّ في العَقْلِ وُجُودُهُ وعَدَمُهُ .

التَّلْمِيذُ : ما مِثَالُهُ ؟

الأُسْتَاذُ : مِثالُهُ الخَلْقُ والإِمَاتَةُ والْبَعْثُ في حَدِّ ذَاتِها ، وأَمَّا بِالنَّظَرِ إِلى الوُقُوع فَذَلِكَ مِنَ

الوَاجِبِ بالْغَيْرِ ، لاَ مِنَ الوَاجِبِ العَقْلِيِّ .

التَّلْمِيذُ : هل حَصَرَ العُقَلاءُ العُلُومَ الوَاصِلَةَ إِلى العِبادِ ؟

الأُسْتَاذُ : نَعَمْ ؛ حَصَرُوهَا في ثَلاثةِ أَقْسَامٍ جَعَلُوهَا طُرُقاً لِلْمَعْلُومَاتِ .

التَّلْمِيذُ : أفِدْنِي إيَّاها .

الأُسْتَاذُ : أَبْشِرْ بِالإِفَادةِ ، هي : حِسٌ مَطْبُوعٌ وعَقْلٌ مَجْمُوعٌ وقَدْ مَرَّ بِكَ ذِكْرُهُما وثَالِثُ الطُّرُقِ الشَّرْعُ المَسْمُوعُ .

التَّلْمِيذُ : ما هُو الشَّرْعُ المَسْمُوعُ ؟

الأُسْتَاذُ : هُو ما ثَبَتَ بِالكِتَابِ والسُّنَّةِ والإِجْمَاعِ أو القِياسِ ، والكِتَابُ أَصْلٌ لِلسُّنَّةِ ، لِقَوْلِهِ

عَزَّ وجَلَّ : { وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى} ولقوله : { وَمَا ءاتَٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ} ، والسُّنْةُ أَصْلٌ

لِلإِجْماع لِقَولِهِ صلى اله عليه وسلم (لا تَجْتَمِعُ أُمَتِي على الضَّلاَلَةِ) ، والإِجْمَاعُ أَصْلٌ

لِلْقيَاسِ ، لأَنَّهُ ما ثَبَتَ إِلا بِالإِجْمَاعِ ولو جَاءَ أَيْضاً مِنْ خَبرِ الآحادِ كَمَا رُويَ عنه صلى الله

عليه وسلم قال لِمُعَاذٍ (قِسْ ما لَمْ تَجِدْ في السُّنَّةِ والقُرْآنِ على مَا فِيْهما ) وكَذَلِكَ

الإِجْمَاعُ أَصْلُهُ الكِتْابُ والسُّنَّةُ ، إِلا أنَّه لا يَدْري كُلُّ وَاحِدٍ مَوْضِعَ اسْتِنْبَاطِهِ مِنْهُما ، ولا يُعْتَدَّ

بِنَفْي نَافِيه وقَوْمُنا يَقُولُونَ لا يُطْلَقُ الشَّرْعُ على ما ثَبَتَ بِالْقِياسِ والأَصلُ الكِتَابُ والسُّنَّةُ والإِجْمَاعُ .


يُتبع...

Vhgurd]m hg,ifdmC ghfd lsgl hgfighkd Vhgtwg hgehkdC lsgl hgehkd hgfighkd hgurd]m hgtwg





توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس

كُتبَ بتاريخ : [ 06-07-2011 ]
 
 رقم المشاركة : ( 2 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,916
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



التَّلْمِيذُ : هَلْ لَهُ _أَعْنِي هَذا الأَصلُ_ مَعْقُولٌ مُنْقَسِمْ ؟

الأُسْتَاذُ : بَلَى لَهُ مَعْقُولٌ مُنْقَسِمٌ إِلْى ثَلاثَةٍ .

التَّلْمِيذُ : مَا هِي الثَّلاثَةُ ؟

الأُسْتَاذُ : أَوَّلُهُا مَعْنَى الخِطابِ ، وهُو ما دَلَّ عليه اللَّفْظُ ،

سَواءٌ كانَ حَقِيقَةً أَمْ مَجَازاً ، نَحْو قَوْلِكَ : جَاءَ أَسَدٌ يُصَلَّي ، فَالأسَدُ مَجَازٌ عَنْ الرَّجُلِ

الجَرِيء ، ويُسَمَّى هذا القِسْمُ مَنْطُوقاً

التَّلْمِيذُ : مَا القِسْمُ الثَاني ؟

الأُسْتَاذُ : هُو المَفْهُومُ مِنْ مَعْنَى الخِطَابِ المُوافِقِ لَهُ ، فإِنْ

كانَ أَوْلَى بِالحُكْمِ مِنْ مَعنى الخِطَابِ سُمِّيَ : فَحْوَى الخِطَابِ ، والفَحْوَى ما يُفْهَمُ على

سَبِيلِ القَطْعِ كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ { فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍ} فَالمَنْطُوقُ بِهِ النَّهْيُ عَنْ أَنْ يَقُولَ لَهُما

أُفِّ ، والمَفْهُومُ النَّهْيُ عَمَّا هُو أَضَرُّ مِنْ ذَلِكَ ، كَالضَرْبِ والشَّتْمِ ونَحْوِهِما ، وذَلِكَ أَشَدُّ

تَحْرِيماً مِنْ قَوْلِ أُفٍّ ، والتَّحْرِيمُ الأَشَدُّ هُنا حُكْمٌ أَوْلَى بِالإِجْتِنَابِ لِشِدَّةِ حُرْمَتِهِ أَخْذَاً مِنَ

الحُكْمِ الأَسْهَلِ المَنْطُوقِ بِهِ .

وإِنْ كانَ المَفْهُومُ مِنْ مَعَنى الخِطابِ مُسَاوياً لَهُ في الحُكمِ ، فَهُوَ لَحْنُ الخِطَابِ ، ومَعْنى

اللَّحْن : صَرْفُ الكَلامِ إِلى تَعْرِيضٍ كَقَولِهِ تَعَالى { وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ} فَالمَنْطُوقُ بِهِ النَّهْيُ عَن الأَكْلِ

والمَلْحُونُ بِهِ كُلُّ إِتْلافٍ ، وتَحْرِيمُ الأَكلِ وَتَحْرِيمُ الإِتْلافِ بِغَيْرِ الأَكْلِ سَوَاءٌ وإِنْ قُلْنا :

اسْتُعْمِلَ الأَكْلُ في مُطْلَقِ الإِتْلافِ فَذَلِكَ مَجَازٌ مُرْسَلٌ ؛ مِنْ اسْتِعْمَالِ لَفْظِ المَعْنَى الخَاصِّ

في المَعْنَى العَامِّ وَبَسْطُ هذا في أُصُولِ الفِقْهِ فَرَاجِعْهُ .

التَّلْمِيذُ : ما القِسْمُ الثَّالِثُ ؟

الأُسْتَاذُ : هُو دَليلُ الخِطابِ ، أَيْ : مَدْلُولُ الخِطَابِ ، أي :

الحُكْمُ الذي يَدُلُّ عليه الخِطَابُ ، وهُو مَفْهُومٌ خَالفَ المَنْطُوقَ به في الحُكْمِ وأَقْسَامُهُ
المُتَّفَقُ عَليها ثَمَانِيَةٌ .

التَّلْمِيذُ : أُحِسُّ بِتَعَطُّشٍ وَشَوْقٌ إلى تِلْكَ الأَقْسَامِ الثَّمَانِيةِ ، فَمَا هِيَ؟

الأُسْتَاذُ : أَوَّلُها مَفْهُومُ الحَصْرِ ، نَحْو : ما قامَ إِلاَّ زَيدٌ

ثَانِيها : مَفْهُومُ الصِّفَةِ ، نَحو : أَكْرِمِ الرَجُلَ العَالِمَ

ثاَلِثُها : مَفْهُومُ الشَّرْطِ ، نحو : إِنْ جِئْتَني أَكْرَمْتُكَ

رابِعُها : مَفْهُومُ الغَايَةِ ، نَحوَ : اسْتَعْمِلْ عَبْدَكَ إِلى الَلَيِلِ

خَامِسُهَا : مَفْهُومُ الزَمَانِ ، نَحوَ : أَكْرِمْ زَيْداً يَوْمَ الجُمُعَةِ

سَادِسُهَا : مَفْهُومُ المَكَانِ ، نَحوَ : أَكْرِمْ زَيْداً في المَسْجِدِ

سَابِعُها : مَفْهُومُ العَدَدِ ، نَحوَ : أَعْطِ زَيْداً عَشْرَةَ دَرَاهِمَ

ثَامِنُهَا : مَفْهُومُ اللَّقبِ ، نَحوَ : أَكْرِمْ زَيْداً

التَّلْمِيذُ : أَكُلُّ هَذِهِ المَفَاهِيمِ حُجَةٌ ؟

الأُسْتَاذُ : يُسْتَثْنَى مَفْهُومُ اللَّقَبِ فَلَيْسَ بِحُجَةٍ ، وأَمَّا سَائِرُهَا

فَحُجَةٌ ، وَارْجِعْ في تَفْصِيلِ هَذا إِلى أَسْفَارِ أُصُولِ الفِقْهِ فَلَيْسَ هُنا مَحَلُّهُ .

التَّلْمِيذُ : قَدْ تَحَقَّقْتُ قَطْعاً وُجُوبَ المُؤَثِّرِ لِلأَثَرِ ، والصَّانِعِ

لِلصَّنْعَةِ ، وَرُجُوعَ الأَمْرِ وُجُوباً عَقْلِيّاً إلى صَانِعٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَدِيماً ، فَحَقِّقْ لي بُرْهَانَ

القِدَمِ الوَاجِبِ لِلْوَاجِبِ الوُجُودِ جَلَّ جَلالُهُ.

الأُسْتَاذُ : يَجِبُ القِدَمُ لِلْوَاجِبِ الوُجُودِ جَلَّ شَأْنُهُ بِحُجَةٍ تَقُومُ

عَلَيْكَ مِنْ عَقْلِكَ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَجِبُ إِنْحِصَارُ كُلِّ مَوُجُودٍ في القِدَمِ والحُدُوثِ ، فَمَهْمَا انْتَفَى

أَحَدُهُما تَعَيَّنَ الآخَرُ .

والحُدُوثُ مُسْتَحِيلٌ في حَقِهِ تَعَالى جَدُّهُ ؛ لإسْتِلْزَامِ الحُدُوثِ مُحْدِثاً ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ

الشيءَ لا يُحْدِثُ نَفْسَهُ ، ولَوِ اتَّصَفَ المُحْدِثُ بِالحُدُوثِ لأسْتَلْزَمَ مُحْدِثاً ، وهَكَذَا.

فَإِنْ إِنْحَصَرَ العَدَدُ لَزِمَ الدَّوْرُ ، وَهُو تَوَقُّفُ الشَّيءِ عَلَى ما يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الآخَرُ بِمَرْتَبَةٍ ، أو

بِمَرَاتِبْ ، واسْتِحَالَةُ الدَّوْرُ ظَاهِرَةٌ لِلُزُومِ تَقَدُّمَ كُلٍّ مِنْ المُحْدِثَيْنِ قَبْلَ الآخَرِ ، وَتَأَخُرِه عَنْهُ ،

وَذَلِكَ جَمْعٌ بَيْنَ مُتَنَافِيَيْنِ ، بلْ ويَلْزَمُ تَقَدُّمُ كُلَّ وَاحِدً مِنْهُما عَلَى نَفْسِهِ وتَأخُّرُهُ ، وَتَوَقُّفُ

الشَّيءِ عَلى نَفْسِهِ ، والكُلُّ مُحَالٌ ، وَمَا أَدَّى إِلى المُحَالِ فَهُو مُحَالٌ ، وإِنْ لَمْ يَنْحَصِرِ

الْعَدَدُ ، وكَانَ قَبْلَ كُلِّ مُحْدَثٍ مُحْدِثٌ آخرُ قَبْلَهُ ، لَزِمَ التَّسَلْسُلُ ، وَهُو تَرْتِيبُ أُمُورٍ غَيْرِ

مُتَنَاهِيَةٍ . وَذَلِكَ مُحَاٌلٌ ، لأَنَّهُ يُؤَدَّي إلى فَراغَ مالا نِهايَةَ لَهُ ، وَذَلِكَ لا يُعْقَلُ .

وإِذا اسْتَحَالَ عَلَى وَاجِبِ الوُجُودِ لِذَاتِهِ الوُجُودُ والحُدُوثُ ؛ تَعَيَّنَ لَهُ وُجُوبُ الوُجُودِ وَالقِدَمُ .

وَإِذا ثَبَتَ أَنَّ القِدَمَ لِلهِ وَحدَهُ ؛ ثَبَتَ أَنَّهُ بَدِيعُ السَّمَواتِ والأَرْضِ ومَا فِيهِنَّ ، لا خَالِقَ ولا

مُحْدِثَ غَيْرُهُ ، قال سبحانه : { هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ

السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}
وقال تعالى { أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ

اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}
فَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذا ثُبُوتُ الوَحْدَانِيَّةِ لَهُ جَلَّ جَلاَلُهُ ؛ بِدَلِيلِ العَقْلِ

ومَسْمُوعِ الشَّرْعِ ، لكِنَّ الَّذي قّامّتْ بِهِ الحُجَّةُ ، وأُلزِمَ بِهِ الخَلْقُ ، وَقُطِعَ بِهِ عُذْرُهُم ، هُوَ

الشَّرْعُ عَلَى الرَّاجِحِ ، كَمَا دَلَّتْ عَليْهِ النُّصُوصُ.

وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لا فَرْضَ إِلاَّ بِثُبُوتِ شَرْعٍ عَلَيْهِ، نَعَمْ ؛ الإِقْرَارُ بِوُجُودِ الصَّانِعِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ

وَوَحْدَانِيَّتَهُ مِنْ ضَرُوريَّاتِ العَقْلِ ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ، إِلا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرِدِ الشَّرْعُ بِذَلِكَ ؛ لَمْ تَقُمْ

عَلَيْنَا حُجَّةٌ ، وَلَمْ يَتَرَتَّبْ ثَوَابٌ وَلا عِقَابٌ .

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس
كُتبَ بتاريخ : [ 06-07-2011 ]
 
 رقم المشاركة : ( 3 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,916
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



الدرس الثاني:

{فيِ نُعُوْتِ الْبَارِئ كَمَا قَرَّرَتْها سُورَةُ الإِخْلاصِ}


بِسْمِ اْللَّهِ اْلرَّحْمَنِ اْلرَّحِيمِ




التَّلْمِيذُ : مَا هِيَ أَنْوَاعُ الشِّرْكِ المُسْتَفَادُ نَفْيُها مِنْ سُورَةِ الإِخْلاَصِ ؟

الأُسْتَاذُ :

- أَوَّلُها : الكَثْرَةُ ، نَفَاهُ اللهُ سُبْحَانَهُ بِقَولِهِ : { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}.

- ثَانِيها : التَّقَلُّبَ والنَّقَائِصُ ، نَفَاهُ اللهُ سُبْحَانَهُ بِقَولِهِ : { اللَّهُ الصَّمَدُ}.

- ثَالِثُها : كَوْنُهُ تَقَدَّسَ كَمَالُهُ عِلَّةً أو مَعْلُولاً ، نَفَاهُ اللهُ سُبْحَانَهُ بِقَولِهِ : { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}

- رَابِعُها : الأَضْدَّادُ والأشْكَالُ ؛ نَفَاهُ سُبْحَانَهُ بِقَولِهِ { وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}

التَّلْمِيذُ : مَا مَعْنَى أَحَدْ ؟

الأُسْتَاذُ : هُوَ المُنْفَرِدُ بِالصِّفَاتِ كَالوُجُوبِ ، وفي اسْتِحْقَاقِ العِبَادَةِ ، أو : مَعْنَاهُ : أَنَّهُ لا تَرْكِيبَ فَيهَ أَصْلاً .

التَّلْمِيذُ : مَا مَعْنَى الوَاحِدِ ؟

الأُسْتَاذُ :
الوَاحِدِ عَلَى الحَقِيقَةِ هُوَ اللهُ وَحْدَهُ جَلَّ جَلاَلُهُ ، أَلاَ تَرَى الوَاحِدَ مِنَّا

مَثَلاً إِثْنَانْ ، جَسَدٌ وَرُوحٌ ، وَمِنْ إِثْنَيْن ، ذَكَرٌ وَأُنْثَى ، وبِإثْنَيِنْ ، طَعَامٌ وَشَرَابٌ ، وَفِي إِثْنَيْن ،

لَيْلٍ وَنَهَارٍ ، وَبَيْنَ إِثْنَيْن ، حَرَكَةٍ وَسُكُونٍ ، وَمَعْ ذَلِكَ فأَحَدُنا مُرَكَّبٌ مِنْ عِدَّةِ أَجْزَاء ، وَرَبُّنا

الحَقُ مُنَزَّهٌ عَنْ كُلِ ذَلِكَ كُلِهِ .

التَّلْمِيذُ :
مَا مَعْنَى الصَّمَد ؟

الأُسْتَاذُ : الصَمَّدُ جَلَّ جَلاَلُهُ : إِسْمٌ لا يَسْتَحِقُّهُ عَلَى الحَقِيقَةِ

إِلاَّ رَبُّنا تَعَالى جَدُّه ، وَمَعْنَاهُ في الأَصْلِ : السَّيِّدُ المُنْتَهِي في السُّؤْدَدِ ، ولا يَكُونُ على

الحَقِيقةِ كَذَلِكَ غَيْرُهُ تَعَالى ، وَقِيلَ : الصَّمَدُ : المَقْصُودُ فِي طَلَبِ الحَوَائِجِ ، وَهَذا رَاجِعٌ إِلى

المَعْنَى الَّذي قَبْلَهُ ، فَإِنَّ السَّيِّدَ مَقْصُودٌ في الحَوَائِجِ ، وَفيهِ أَقْوَالٌ أُخَرُ .

التَّلْمِيذُ : مَا أَصْلُ الإِسْمِ ؟

الأُسْتَاذُ : الإِسْمُ مُشْتَقٌ مِنَ السُّمُوِّ ، وَهُوَ الإِرْتِفَاعُ ، هَكَذا

اشْتِقَاقُهُ عَلى قَوْلِ البَصْرِيِّيْنِ ، فَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَم يَزَلْ مُسَمَّى وَمَوْصُوفاً قَبْلَ وُجُودِ

المَخْلُوقَاتِ ، وبَعْدَ وُجُودِها ، وَبَعْدَ فَنَائِها ، لا تَأْثيرَ لِخَلْقِهِ في أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ ، هَذا مُعْتَقَدُنا

مَعْشَرَ أَهْلِ الإِسْتِقَامَةِ ، وَوَافَقَنَا عَلَيْهِ الأَشَاعِرَةُ .

التَّلْمِيذُ : مَاذا يُقَابِلُ هَذَا القَولَ ؟

الأُسْتَاذُ : يُقَابَلُهُ قَولُ الكُوفِيِّينَ أَنَّ الإِسْمَ مُشْتَقٌ مِنَ السِمَةِ

، وهِيَ العَلاَمَةُ ، و بِهِ قَالَتِ النُّكَّارُ وَالمُعْتَزِلَةُ ، قَالُوا : كَانَ اللهُ في الأَزَلِ بِلا اسْمٍ ، ولا صِفَةٍ

، فَلَمَّا خَلَقَ الخَلْقَ وُسِمَ بِأَسْمَاءَ وَصِفَاتٍ ، فَإِذا أَفْنَاهُمْ بَقِيَ بِلا صِفَةٍ ولا اسْمٍ ، وَهَذَا خَطَأٌ فَاحِشٌ .

التَّلْمِيذُ :
مَا المُرَادُ بِالإِسْمِ ؟

الأُسْتَاذُ :
إِذا أُرِيدَ بِهِ اللَّفْظُ فَهُو غَيْرُ المُسَمَّى ، وإِذا أُرِيدَ المَعْنَى فَهُو عَيْنُ المُسَمَّى ،

بَيَانُهُ : أَنَّكَ إذا قُلْتَ : كَتَبْتُ مُحَمَّداً ؛ وإِذا قُلْتَ : أَتَيْتُ مُحَمَّداً ، فَمُرَادُكَ الشَّخْصُ المَدْلُولُ

عَلَيْهَ بِلَفْظَةِ (مُحَمَّد) ، فإِذا قُلْتَ مَثَلاً في : مُحَمَّدٌ قائِمٌ ؛ مُحَمَّدٌ مُبْتَدأٌ ، وقَائِمٌ خَبَرُهُ ، أو

قُلْتَ مَثَلاً : رأَيْتُ مُحَمَّداً ، أَوْ قُلْتَ : مَرَرْتُ بِمُحَمَّدٍ ، فالأَعَارِيبُ إِنَّما تَجْرِي على لَفْظَةِ

(مُحَمَّدٍ) ، وإِنْ كَانَتِ الأَحْوَالُ والأَفْعَالُ وَإِسْنَادُ المَعَاني يُرَادُ بِهَا ذَاتُ (مُحَمَّدٍ) المَدْلُولُ عَلَيْهَا

بِلَفْظَةِ (مُحَمَّدٍ) الَّتي تَنَاوَبَتْها الأَعَارِيبُ المُخْتَلِفَةُ فَافْهَمْ ، فإِذَا قُلْتَ مَثَلاً : أَعْبُدُ اللهَ ، فَإِنَّكَ

تَعْني بِالْمَعْبُودِيَّةِ ذَاتَ اللهِ ، لا الإِسْمَ الدَّالَّ عَلى المَعْبُودِ الحَقِّ بِمُجَرَّدِهِ ، وإِلاَّ كُنْتَ عَابِدَاً
لِلْحَرْفِ , فَتَبَصَّرْ.

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس
كُتبَ بتاريخ : [ 06-07-2011 ]
 
 رقم المشاركة : ( 4 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,916
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



الدرس الثالث


فِي أَصْلِ لَفْظِ اسْمِ الجَلالَةِ






التَّلْمِيذُ :مَا أَصْلُ لَفْظِ اسْمِ الجَلاَلَةِ ؟

الأُسْتَاذُ : (اللهُ) عَلَمٌ عَلَى الذَّاتِ الوَاجِبِ الوُجُودِ لِذَاتِهِ ، المُسْتَحِقِّ لِجَمِيعِ الكَمَالاَتِ ، أَمَّا

اشْتِقَاقُهُ فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ العُلَمَاءُ ، فَقِيلَ : هُو مُشْتَقٌ مِنْ أَلِهَ بِوَزْنِ عَلِمَ ، إِذَا تَحَيَّر ، لِتَحَيُّرِ

الخَلْقِ فِي مَعْرِفَتِهِ وَعَظَمَتِهِ . وَقيلَ : مُشْتَقٌ مِنْ أَلِهَ كَعَلِمَ أَيْضاً ، إِذا تَعَبَّدَ بِالبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ ،

أَي : طَلَبَ العِبَادَةَ . وَقيلَ : هُوَ اسْمٌ جَامِدٌ غَيْرُ مُشْتَقٍّ ، وهُوَ رَأْيُ الخَلِيلُ بن أَحْمَد .

وَيُحْكَى أَنَّهُ رُئْيَ فِي المَنَامِ فَقِيلَ لَهُ : مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ ؟ فَقالَ : غَفَرَ لِي بِقَولي فِي اسْمِهِ
تَعَالى : إِنَّهُ غَيْرُ مُشْتَقٍّ .

وَقَالَ بَعْضُهُم كَلاَماً حَاصِلُهُ : حَيْثُ ذُكِرَ الِإشْتِقَاقُ في اسْمِهِ تَعَالى فَالمُرَادُ بِهِ أَنَّ المَعْنَى

مَلْحُوظٌ في ذلك الإِسْمِ ، وإِلاَّ فَشَرْطُ كَوْنِ اللَّفْظِ مُشْتَقّاً : كَوْنُهُ مَسْبُوقاً بِالمُشْتَقِّ مِنْهُ ،

وَأَسْمَاءُ اللهِ تَعَالى لَيْسَتْ مَسْبُوقَةً بِشَيءٍ لِقِدَمِهَا ، فَقَالَ صَاحِبُ الجَوْهَرَةِ

وَعِنْــــدَنـَــا أَسْمَـــاؤُهُ العَظِيْمَــــةْ *** كَـــذَا صِفَــــاتُ ذَاتِــهِ قَـــدِيْمَـــةْ

أَيْ أَنَّ أّسْمَاءَ اللهِ الجَلِيلَةَ الدَّالَةَ على مُجَرَّدِ ذَاتِهِ كاللهِ ، أو بإِعْتِبَار الصِّفَةِ كالعَالِمِ والقَادِرِ ،

قَدِيمَةٌ لإِعْتِبَارِ التَّسْمِيَةِ بِها ، فَهُو الَّذي سَمَّى ذَاتَهُ العَليَّةَ بِهَا أزَلاً ، وصَفَاتُهُ الذَّاتِيِّةُ قَدِيمةٌ

أَيضاً غَيْرُ مَسْبُوقَةٍ بِالعَدَمِ ، على أَنَّ الإخْتِلافَ المَذْكُورَ إِنَّما هُوَ في لَفْظِ (إِلَهٍ) لا فِي لَفْظِ
الجَلاَلَةِ.

قال القُشَيْرِيُّ : (إِنَّ جَمِيعَ أَسْمَاءِ اللهِ تعالى صَالِحَةٌ لِلتَّسْمِيةِ بِها ، والإِتِّصَافِ بِمَدْلُولاتِها ،

بِأَنْ يَتَّصِفَ شَخْصٌ بِالقُدْرةِ والعِلْم والرَّحْمَةِ مَثَلاً ، وإِنْ كانَ بَيْنَ الصِّفَةِ القَدِيمةِ والحَادِثَةِ

فَرْقٌ بَعِيدٌ ، إِلاَّ هذا الاسْم ، فإِنَّهُ لِلتَّعَلُّقِ دُونَ التَّخَلُّقِ ، أي : أنَّهُ صالِحٌ لِلتَّوسُّلِ بِهِ لِلْعِبادَةِ

لا للإِتِّصافِ بِمَدْلُولِهِ الَّذي هو الأُلُوهِيَّةُ ،

فَلَا يُسَمَّى بِهِ غَيْرُهُ ، قال تَعَالى {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً } أَيْ : لا أَحْدَ يُسَمَّى اللهَ غَيْرُهُ تَعَالى ، فالإِسْتِفْهَامُ إِنْكَارِيٌّ).

وقِيْلَ : (اللهُ) أَصْلُهُ : إِلَهٌ ، فَحُذِفَتْ هَمْزَتُهُ ، وأُدْخِلَ عَلَيْهِ الأَلِفُ واللَّامُ ، فَخُصَّ بِالبَارئِ

تَعَالى لِتَخَصُّصِهِ بِهِ ، قال تَعَالى : {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً } و (إِلَه) جَعَلُوه ُاسْماً لِكُلِ مَعْبُودٍ

لَهُمْ ، وكَذَا الذَّاتُ ، وسَمَّوا الشَّمْسَ آلِهَةً لإِتِخَّاذِهِمْ إِيَّاها مَعْبُوداً ، وأَلِهَ فُلانٌ يأْلَهُ : عَبَدَ ،

وقيلَ تأَلَّهَ ، فالإِلهُ عَلى هذا هُو المَعْبُودُ .

وقِيْلَ : هو مِنْ ألِهَ ، أي : تَحَيَّر ، وتَسْمِيَتُهُ بِذَلِكَ إِشَارةٌ إلى مَا قَالَ عليُّ بن أَبي طالب :

(كَلَّ دُونَ صِفَاتِهِ تَحْيِيرُ الصِّفاتِ ، وضَلَّ هُنَاكَ تَصَارِيفُ اللُّغَات). وذَلِكَ أَنَّكَ إذا تَفَكَّرْتَ في

صِفَاتِ اللهِ تَحَيَّرتَ فيها ، ولِهَذا رُوي : ( تَفَكَّرُوا في آلاءِ اللهِ ولا تَتَفَكَّرُوا في اللهِ ) .

وقِيلَ : أَصْلُهُ وِلاَهٌ ، فَأُبْدِلَ من الواو هَمْزَةٌ ، وتَسْمِيتُهُ بِذَلِكَ لِكَونِ كُلِّ مَخْلُوقٍ وَالِهاً نَحْوَه ،

إِمَّا بالتَّسْخِيرِ فَقط كَالجَمَادَاتِ والحَيَواناتِ ، وإمَّا بِالتَّسْخِيرِ والإرَادةِ مَعَاً كَبَعْضِ النَّاسِ ،

ومِنْ هَذَا الوَجْهِ قال بعضُ الحُكَماءِ : اللهُ مَحْبُوبُ الاشْيَاءِ كُلِّها ، وعَلَيه دَلَّ قَوْلُه تَعَالى

{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}

وقيلَ : أَصْلُهُ مِنْ لاَهَ يِلُوهُ لِيَاهَا ً، أَيْ : احْتَجَبَ ، قالوا : وذلك إِشَارةٌ إلى ما قاله تعالى {لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَرُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَرَ} والمُشَارُ إِلَيهِ بالبَاطِنِ في قَوْلِهِ : {والظَّاهِرُ والباطِنُ}.

ثُمَّ لَفْظُ (إلَهٍ) حَقُّهُ أَنْ لا يُجْمَعَ إِذْ لا مَعْبُودَ سِواهُ ، لَكنَّ العَرَبَ في جاهِليَّتِهِم وشِرْكِهِمْ

اعْتَقَدُوا أَنَّ هَا هُنا مَعْبُوداتٍ غَيْرَه سُبْحَانَهُ ، وبِنَاءً عَلَى زَعْمِهِم الكَاذِب جَمَعُوه ، فَقالُوا :

الآلِهَة ، قال تعالى : {أَمْ لَهُمْ ءَالِهَةٌ تَمْنَعُهُم مِّن دُونِنَا } وقال {وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ} وقُرِئ :

وإلاهَتَكَ ، أي : وَعِبَادَتَك . وقولُهم : لاَهِ أَنْتَ ، أي : للهِ أَنْتَ ، وَحُذِفَ أَحدُ اللَّامَيْن.

ولَفْظَةُ (اللهمَّ) قيلَ : مَعْنَاها : يا الله ، فأُبْدِلَ مِنَ الياءِ في أَوَّلِهِ المِيْمَانِ في آخِرِهِ ، فَخُصَّ

بِدُعاءِ اللهِ ، وقيلَ : تَقْدِيرُهُ : يا اللهُ أَمِّنَّا بِخَيْرٍ ، أي مُرَكَّبٌ تَرْكِيبَ (حَيَّهَلَا).

قال أبو سَهْلٍ – مِنْ عُلَماءِ الدَّعوةِ في المَغْرِب رَحِمَهُ اللهُ - : (قال جابِرُ بن زَيْدٍ : اسْمُ اللهِ

الأَعْظَمُ هُو اللهُ ، ألا تَرَى أَنَّهُ يُبْدَأُ بِهِ في كُلَّ شَيءٍ.

وعن ابنِ عَباس في بِسْمِ اللهِ : أي : الَّذي يألَهُ إليه كُلُّ شيءٍ ، ومَفْزَعُ كُلِّ شيءٍ ومَلْجَأُه

. وقيلَ : (اللهُ) اسْمُ اللهِ الأَعْظَم ؛ لأَنَّه لا يُشَارِكُهُ فِيهِ أَحَدٌ ، قال الله تعالى : {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} أي : شَبِيهاً في اسْمٍ أو فِعْلٍ .

وَقَالَ في المُوْجِز : (اللهُ) اسْمٌ لِلْمَعْبُودِ الذي لا يَسْتَحِقُّ العِبَادَةَ إِلَّا هُو .

وقيل : اسْمٌ تُبْنَى عَلَيْهِ الصِّفاتُ ، وتَدُورُ عَليهَ الأَسْماءُ .

وقال قومٌ : مَأْخُوذٌ مِنْ العُلُوِّ في الصِّفةِ ، مِنْ قَوْلِهِمْ : لاَهَتِ الشَّمْسُ ؛ إذا عَلَتْ .

واخْتَلَفُوا فيهِ : هَلْ هُوَ اسْمُ عَلَمٍ عَلَى الذَّاتِ ، أو ْمُشْتَقٌ مِنَ الصِّفَةِ ؟ فقالَ قَومٌ : هُو

اسْمُ عَلَمٍ على الذَّاتِ ، ولا بُدَّ لِلذَّاتِ مِنْ اسْمِ عَلَمٍ تَكُونُ أَسماءُ الصِّفاتِ والنُّعُوتِ تَبَعاً لَهُ .

وقالَ قَوْمٌ : مُشْتَقٌ مِنَ الوَلَهِ ؛ لأَنَّ النَّاسَ يَأْلَهُونَ إلَيْهِ ، وقُرئَ ، {ويذرك وإلاهتك} أي :

عِبَادَتكَ ، ومِنْهُ قَولُهُم : فُلانٌ يَتَأَلَّهُ ، أي : يَتَعَبَّدُ . وقِيلَ : هُوَ مِنَ اسْتِحْقَاقِ العِبادِيَّةِ . وقال

الرُّمَّانِيُّ : (الأَصْلُ في قَوْلِكَ (اللهُ) : إِلَهٌ ، حُذِفَتِ الهَمْزَةُ ، وجُعِلَ الأَلِفُ واللَّامُ عِوَضاً ،

فَصَارَ الاسْمُ بذلك كالعَلَم . هَذَا مَذْهَبُ سِيْبَوَيْه وحُذَّاقِ النَّحْوِيين). كلام أبي سهل رحمه
الله

وقال في شَرْح التَّوضيح : ( اللهُ عَلَمٌ على الذَّاتِ المَعْبُودِ بالحَقِّ . وقِيلَ : هُوَ وَصْفٌ

مُشْتَقٌ مِنَ الإِلَهِ ، وقِيلَ : أَصْلُهُ (لاها) بالسُّرْيانيَّةِ فَأُعْرِبَ بِحَذْفِ أَلِفِهِ الأَخِيرَةِ ، وأُدْخِلَ

الأَلِفُ واللَّامُ عَلَيْهِ ) .

قال بَعْضُهُم : اعْلَمْ أنَّ العُقَلاءَ كَمَا تَاهُوا في ذَاتِ اللهِ وصِفَاتِهِ ، لإحْتِجَابِها بأنْوارِ العَظَمَةِ ،

وأَسْتَارِ الجَبَرُوتِ ، كَذَلِكَ تَحَيَّرُوا في لَفْظِ اللهِ الدَّالِّ على تِلْكَ الذَّاتِ المُقَدَّسَةِ ؛ لأَنَّهُ مَسَّهُ

شيءٌ مِنْ أَشِعَّةِ تِلكَ الأَنْوارِ ، فَحَارَتِ العُقُولُ في دَرْكِهِ ، كَمَا حَارَتْ في دَرْكِ مُسَمَّاهُ.

واخْتَلَفُوا كَمَا قَالَ السَّيِّدُ : أَسُرْيَانِيٌّ أو عَرَبِيٌ ؟ اسْمٌ أو صِفَةٌ ؟ عَلَمٌ أو غَيْرُ عَلَم ؟ مُشْتَقٌ

أو لا ؟ ومِمَّ اشْتُقَّ ؟ وما أَصْلُهُ ؟ وأطالَ في بَيَانِ الأقْوالِ ، والإِسْتِدْلالِ لِكُلِّ قَوْلٍ بِما لا يَحْتَمِلُهُ هَذَا المَحَلُّ .

واخْتَلَفُوا في حَذْفِ الهَمْزَةِ مِنَ الإِلهِ هَلْ هُو قِياسِيٌّ أو لا ؟ والصَّحِيحُ أَنَّهُ ليسَ بِقِياسِيٍّ ،

يَعْني أَنَّها حُذِفَتْ مُتَحَرِّكَةً بِدَلِيلِ وُجُوبِ التَّعْويضِ والإِدْغَامِ ، ولو كانَ قِياسيّاً لَمَا وَجَبَا ، لأَنَّ

المَحْذُوفَ قِياسِيَّاً في حُكْمِ الثَّابِتِ . وخَالَفَ أبو البَقَاء ، فاخْتَارَ أَنَّهُ على قِياسِ التَّخْفِيفِ ،

يَعْني : أَنَّها حُذِفَتْ سَاكِنةً بَعْدَ نَقْلِ حَرَكَتِها إلى السَّاكِنِ قَبْلَها ، فَعَلى الوَجْهِ الأَوَّلِ يَكُونُ

الحَذْفُ شَاذّاً ؛ لِتَعَاصي الهَمْزَةِ بالتَّحْريكِ ، والإِدْغامُ قِيَاساً لإِجْتِماع المِثْلَيْنِ ، أوَّلُهُما سَاكِنٌ

، وعلى الوَجْه الثاني يَكُونُ الحَذْفُ قِياساً لِكَوْنِ الهَمْزَةِ سَاكِنَةً ، والإِدْغَامُ شَاذّاً ؛ لِكَوْنِ أوَّلِ
المِثْلَيْنِ مُتَحَرِّكاً.

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس
كُتبَ بتاريخ : [ 06-07-2011 ]
 
 رقم المشاركة : ( 5 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,916
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً




توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لابي , مسلم , الثاني , البهلاني , العقيدة , الفصل , الوهبية


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فتاوى الصلاة للشيخ سعيد بن مبروك القنوبي عابر الفيافي نور الفتاوى الإسلامية 30 08-26-2013 02:24 PM
جميع أدلة المعلم للصف الثاني عشر والحادي عشر عابر الفيافي المنتدى الطلابي 16 06-16-2012 09:09 PM
فتاوى الحج للشيخ سعيد القنوبي عابر الفيافي نور الحج والعمرة 3 06-08-2011 03:08 PM
أبو مسلم ناصر بن سالم الرواحي البهلاني عابر الفيافي علماء وأئمة الإباضية 0 02-15-2011 04:44 PM
الشيخ أبو مسلم البهلاني في سطور ذهبية بلسم الحياة علماء وأئمة الإباضية 3 11-30-2010 06:30 PM


الساعة الآن 04:38 PM.


جاري التحميل ..