منتديات نور الاستقامة - عرض مشاركة واحدة - كنوز البوادي من درر الشيخ سيف الهادي
عرض مشاركة واحدة
كُتبَ بتاريخ : [ 11-17-2013 ]
 
 رقم المشاركة : ( 50 )
::المراقب العام::
:: عضو مؤسس::
رقم العضوية : 5936
تاريخ التسجيل : Aug 2012
مكان الإقامة : في عيون الناس
عدد المشاركات : 1,493
عدد النقاط : 118

ناشر الفوائد غير متواجد حالياً



" من هنا نبدأ "

بعد انقطاع طويل كان عليّ أن أفك أسر هذا القلم. إن أشغال الدنيا لا تتوقف، ووتيرة الحياة لا تهدأ، بيد أن محطات ضرورية يطلبها الجسم والروح بإلحاح ، فإن تم تجاوزها دون اكتراث تناقص وقود الحياة، وتنفست رئات من الأهواء تبحث عن قشة تتعلق بها أو جسم خائر تدفعه فيتهاوى. ولذلك كان لزاما أن ينشط حراك ثقافي ومعرفي عبر هذه الصفحات، يناقش الفهوم المكتملة أو الناقصة، ويحدد معاني المصطلحات الدافقه، وينشر عبر الحواري الراقي معارف جزيلة أخذت حقها من الحديث، ونالت قسطها من التدليل؛ عندها فقط تتقرر الحقيقة وتستبين الطريق.

وفي القرآن الكريم افتراض جدلي لحجة الخصوم، تجعل لها مساحة من القبول المؤقت، ثم ينقضها في هدوء، وفي اللفظ المُدار أدبٌ تكشف حروفه عن عظمة الله، وتشرح للخلق سمت الحوار.

وفي الحوار القرآني أسرار أخرى.

إن النمرود لا يستطيع الإماتة والإحياء بالمفهوم الذي عناه إبراهيم عليه السلام، لكن الانتقال السريع إلى الاختبار الأصعب بتحويل شروق الشمس إلى المغرب، ليس اختصارا لطول الطريق، وإنما كشف عن قداسة النفس الإنسانية، وسرعة الإسلام في حمايتها إذا وضعت حقلا للتجارب والإفساد، فالذين سوف يقتلهم النمرود ليسوا مسلمين؛ لكنهم بشر لا يسمح الإسلام بقتلهم دون حق، ولا يقبل أن يكون الرهان في إهانة الإنسان، تلك هي بعض أسرار الحوار في القرآن تجمع مع رقي الأسلوب منهجا إلهيا يحمي النفس الإنسانية والشعور، ويصرف السنان واللسان بعيدا عن القتل أو التجريح للشعور وكشط الإحساس أو حتى القبول الجدلي بوضعها مؤقتا برهانا لفشل الخصوم. ولنتأمل الآن روعة هذا الحوار : " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ".

من هنا سوف نبدأ بحول الله.

توقيع :

لا يزال الحق فينا مذهباً * * * رضي الخصم علينا أم أبى
ما بقينا فعلى الحق وإن * * * نَقْضِ أحسنّا به المنقلبا
إنما سيرتنا العدل ولــن * * * ننثني عن نشره أو نذهبا

رد مع اقتباس
 
جاري التحميل ..