منتديات نور الاستقامة - عرض مشاركة واحدة - كنوز البوادي من درر الشيخ سيف الهادي
عرض مشاركة واحدة
كُتبَ بتاريخ : [ 12-04-2012 ]
 
 رقم المشاركة : ( 31 )
::المراقب العام::
:: عضو مؤسس::
رقم العضوية : 5936
تاريخ التسجيل : Aug 2012
مكان الإقامة : في عيون الناس
عدد المشاركات : 1,493
عدد النقاط : 118

ناشر الفوائد غير متواجد حالياً



( الوسواس مدخل لشيطان الجن عبر شيطان الإنس )

سألني شخص ذات يوم متى نتهم الشيطان، ومتى نتهم أنفسنا ؟ فقلت له: إن الشيطان لا يجد للنفس مدخلا إلا إذا ضعُفت وانحفرت فيها ثقوب ظاهرة، عندها سيجد الشيطان إليها سبيلا. والأمثلة على ذلك كثيرة، فإنك إن نظرت إلى امرأة فاتنة تحركت فيك غرائز كثيرة واشتغل مصنع بأكمله لتحريك الهرمونات الجنسية الدافقة، فشعرت حينها ببرد يلف جسمك من الرأس إلى القدم، والشيطان هنا مس
تمتع ومتحفز، فإن جاهدت نفسك واستخدمت القوة الإيمانية بغض البصر والتعوذ بالله من الشيطان، انصرف عنك فلم يجد إليك سبيلا " إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ " وإن شدّك المنظر، وواصلت النظر، تقدم إليك لعرض بعض الأفكار ( استمر، اقترب، ارم رقم هاتفك، تكلم، عدل عمامتك، كمتك، ثيابك، مشيتك، ... الخ " وقس على ذلك بقية الأمور.
الوسواس مرض يغزو بعض النفوس فيترك فيها أثرا غائرا من الألم النفسي والاكتئاب، وكثيرا ما يجد الموسوس نفسه محاطا بجملة من الأفكار تحاصر حياته، وتلبس عليه أمر دينه.
أخذ هذا المرض عناية الأطباء وقدمت فيه بحوث كثيرة، وصرفت من أجله أدوية وأقيمت عيادات، لكن الشفاء كثيرا ما يمتد زمنه إلى أشهر وسنوات.
وشخصيا لي نظرية تقول بأن الوسواس يغزو النفوس الفارغة، تلك التي لا تجد إلى الكتاب سبيلا، ولا للرياضة وقتا، فعندما يتركم فوق القلب همان هم الفراغ وهم الخمول؛ تتسلل إليه أفكار تجعل من أعضائه مشغولة بشيء ما ، تتآكل من الداخل وتستهلك الطاقة البشرية في استنزاف المجاهدة النفسية، حتى إذا بلغت القلوب الحناجر وضاقت الأرض بما رحبت ولم تبقى في آلة المقاومة خرطوشة واحدة؛ قرر صاحبها الانتحار، أو الانسلاخ من دينه وفكره ومعتقده، ليظهر للناس وقد ترك الصلاة، أو تبنى أفكارا مدمرة، أو معتقدات مشبوهة، أو معتقدات آخرين يظن أن الصواب معهم.
وقد وقفتُ على نوعيةٍ من المعالجين تتابع المرضى النفسيين وأصحاب الوساوس والاكتآبات، فتعرض عليهم في ساعة غفلة معتقدا معينا يخالف ما هم عليه، أو أفكارا تحولهم إلى اتجاه آخر، بزعم أن الذي سبب لك هذا هو معتقدك، أو دينك، أو اتجاهك فإذا غيرت وبدلت عادت إليك العافية ونزلت عليك السكينة، ومهما حاول الناس إرجاعك فلا تلتفت إليهم ولا تسمع وإلا عادت إليك حالتك !! هذا هي ساعة الضعف في نفس الموسوس وجد الشيطان إليها سبيلا ودخل، ولكن عبر شيطان إنسيٍ ظن من غفلته أن العلاج الذي قدمه يدل على صحة معتقده وأنه على صواب، فما دام هذا الموسوس غير وبدل فعادت إليه عافيته دل على أن المعتقد الذي عليه المعالج صحيح. والحق أن هذا الظنّ من تلبيس إبليس يعمد إلى الضعيف الجبان فيوهمه بأن استغلال المرضى هو خير وسيلة لنشر الدعوة وبث الأفكار " إِنَّ هَـؤُلاء مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ" .
إن الأفكار السليمة هي تلك التي تناقش بها الأصحّاء والعلماء، لتستبين منهم ما أنت عليه وما هم عليه، أما أن تستغل المرضى أصحاب الوساوس فإن هذا مكر الشيطان " وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ".
والغريب أن بعض أصحاب هذه الأفكار المضللة يتواصى بعضهم ببعض فإذا عرض عليهم شخص مشاكله النفسية ووساوسه واكتآبه؛ أوصوه بفلان من الناس ليتولى علاجه بتحويله عن مساره . ألا فليحذر الذين أصيبوا بالوسواس والأكتآب من هذه الذئاب فلا يعرض نفسه عليهم، ولا يبدل دينه من أجلهم، ولا معتقده لخاطرهم وخاطر نفسه المتعبة، فإن ذلك وإن بدا علاجا مؤقتا فإن مصيره إلى الخسران. والله المستعان، أسأل الله لي ولكم العافية.

توقيع :

لا يزال الحق فينا مذهباً * * * رضي الخصم علينا أم أبى
ما بقينا فعلى الحق وإن * * * نَقْضِ أحسنّا به المنقلبا
إنما سيرتنا العدل ولــن * * * ننثني عن نشره أو نذهبا

رد مع اقتباس
 
جاري التحميل ..